١٠ - ذكر سلطنة الملك العادل زين الدين كتبغا بن عبد الله المنصورى (١)
وهو العاشر من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، تسلطن بعد خلع الناصر محمد بن قلاوون فى المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة، وأصله من سبايا التتار أخذه الملك المنصور قلاوون فى وقعة حمص الأولى وغير ذلك وكان ذلك فى سنة تسع وخمسين وستمائة، فصار من جملة مماليك السلطان وقد ملكه قلاوون قبل أن يلى السلطنة، فلما تسلطن جعله أمير عشرة ثم بقى مقدم ألف، فلما قتل الأشرف خليل وتولى أخوه محمد استقر به نائب السلطنة عوضا عن الأمير بيدرا لما قتل ثم بقى سلطانا، فلما تم أمره فى السلطنة استقر بالأمير لاجين نائب السلطنة، وكان الأمير لاجين هاربا من حين قتل الأشرف خليل، فاختفى مدة طويلة فى مأذنة جامع أحمد بن طولون ثم إن الأمير كتبغا شفع فيه عند الملك الناصر محمد. فلما ظهر أنعم عليه بتقدمة ألف فلما تسلطن كتبغا أمر جماعة كثيرة من خشداشينه واستقام أمره فى السلطنة.
ومن الحوادث فى أيامه: أن الغلاء وقع بمصر واجدبت البلاد وتشحط سعر كل شئ فوصل سعر القمح كل أردب بمائة وخمسين درهما ووصل سعر الشعير والفول كل أردب بمائة درهم، واستمر الأمر على الناس حتى أكلوا بعضهم بعضا، وأكل من الكلاب والقطط والحمير شئ كثير حتى بيع الكلب بخمسة دراهم والقط بدرهمين ودام الأمر على ذلك حتى دخلت سنة خمس وتسعون وستمائة.
فيها: اشتد الأمر على الناس حتى بلغ سعر القمح كل أردب بمائة وسبعين درهما وبلغ سعر الفول والشعير كل أردب بمائة وعشرين درهما، وبيع السفرجل والتفاح كل واحدة بثلاثين درهما وبيع اللحم كل رطل بسبعة دراهم وبيع البيض كل بيضة بأربعة دراهم ومات فى هذه السنة ما لا يحصى عددهم من الجوع وصاروا موتا فى الطرقات على بضعهم بعضا من شدة الجوع. قيل جاء جراد كثير فى تلك السنة فأكل الناس منه وأبيع كل أربعة أرطال جراد بدرهمين وبيع الكماه كل سبعة أرطال بدرهم. وكان هذا الغلاء عاما فى سائر البلاد حتى فى
(١) انظر المزيد فى: بائع الزهور ١/ ١٣٣، السلوك ١/ ٨٠٦ - ٨٢٠ و ٨٢٦، النجوم الزاهرة ٥٥/ ٨، فوات الوفيات ٢/ ١٣٨.