كذلك كان التاريخ عند المسلمين يهدف فى البداية إلى دراسة سيرة النبى ﷺ وأعمال الصحابة والجماعة الإسلامية الناشئة وأخبار الغزوات والجهاد وكانت معرفة التاريخ فى الإسلام هى سمة الثقافة العامة سواء بين أصحاب النفوذ السياسى أو العلماء أو النشء أو العامة.
وأنتجت مصر انتاجا وفيرا فى الثقافة الأدبية الإسلامية فى العصور الوسطى وكان إنتاج المصريين فى الدراسات التاريخية وفيرا لم تضارعهم فيه أية أمة أخرى من أمم الدولة العربية الإسلامية وكتب المؤرخون المصريون فى التاريخ السياسى وفى التراجم وفى الخطط والآثار. وحسبنا لنعرف إزدهار المدرسة المصرية فى التاريخ فى العصور الوسطى أن نذكر ابن عبد الحكم وابن الداية والكندى وابن زولاق وابن أبى اصيبعة وابن الراهب القبطى وابن خلكان والعماد الأصفهانى وأبا شامة وابن واصل والقفطى وابن شداد والذهبى والمقريزى وأبا المحاسن وأبا الفدا والسخاوى وابن إياس.
أما أبو البركات محمد بن أحمد بن أحمد بن إياس المصرى الحنفى فقد ولد فى القاهرة فى ٦ ربيع الآخر سنة ٨٥٢ هـ - ٨ يونية ١٤٤٨ م أى بعد وفاة المقريزى عمدة مؤرخى مصر الإسلامية بحوالى سبع سنوات وقبل وفاة أبى المحاسن بن تغرى بردى بحوالى اثنين وعشرين عاما. أما وفاة ابن إياس فكانت بعد فتح العثمانيين لمصر بأكثر من ست سنوات أى فى سنة ٩٣٠ هـ - ١٥٢٣ م.
[ابن إياس والفتح العثمانى]
مؤرخان قدر لكل منهما أن يشهد فتحا من الفتوحات العثمانية المدمرة، سقطت فى كل منهما إمبراطورية مؤثلة، وسحقت حضارة عظيمة هما خاتمة المؤرخين البيزنطيين، جورجيوس فرانتزا أو فرانتريس والمؤرخ المصرى محمد بن أحمد بن إياس.
شهد أولهما فتح الترك العثمانيين للقسطنطينية فى سنة ١٤٥٣ م وما ترتب عليه من اختتام الإمبراطورية الرومانية وسحق الحضارة البيزنطية، وشهد ثانيهما بعد ذلك بنحو سبعين عاما، فتح الترك العثمانيين لمصر فى سنة ١٥١٦ م وما ترتب عليه من سقوط إمبراطورية السلاطين المصرية الشامخة، وسحق الحضارة الإسلامية التى تأثلت بمصر مدى قرون.