انتهت أخبار دولة الملك الظاهر يلباى على سبيل الاختصار من ذلك. .
٤١ - ذكر سلطنة الملك الظاهر أبى سعيد تمربغا الظاهرى (١)
هو الأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية وهو الثانى من الروم، وكان أصله رومى الجنس من مماليك الملك الظاهر جقمق رباه صغيرا، فلما تسلطن جقمق جعله خاصكيا، ثم بقى سلحدارا، ثم بقى فى خازندار ثم أمير أربعين دوادار ثانى، ثم بقى مقدم ألف دوادار كبير فى دولة الملك المنصور عثمان، ثم حبس بثغر الإسكندرية لما خلع المنصور من السلطنة فأقام فى السجن نحو ست سنين، ثم أفرج عنه فى دولة الأشرف اينال وتوجه إلى مكة، فأقام بها نحو ثلاث سنين، إلى أن قدم إلى القاهرة فى أول دول دولة الظاهر خشقدم ثم فى أتابك العساكر فى دولة الظاهر يلباى، فلما خلع الظاهر يلباى من السلطنة تسلطن عوضه وذلك فى يوم السبت سابع جمادى الأول من سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة فلبس خلعة السلطنة من الحراقة التى فى الإسطبل وركب منها والخليفة قدامه والأمراء مشاة بين يديه وحمل القبة والطير على رأسه الأمير قايتباى المحمودى رأس نوبة النواب فطلع من باب سر القصر وجلس على سرير الملك وباس له الأمراء الأرض ونودى باسمه فى القاهرة وضج له الناس بالدعاء، وتلقب بالملك الظاهر ودقت له البشائر، وفرح به الناس لكونه رجلا عاقلا عارفا بأحوال المملكة، وكان كفئا للسلطنة واشتمل على جملة محاسن من الفروسية وغيرها، ولكن لم يساعده الدهر وغلبت عليه الأقدار كما قيل فى المعنى:
وإذا جفاك الدهر وهو أبو الورى … طرافلا تعتب على أبنائه
فلم يتم أمره فى السلطنة ولا صفا له الوقت، ومما وقع فى أيامه أنه أمر بالإفراج عن الأمير قرقماش الجلب، وأحضره من ثغر الإسكندرية فأقام بالقاهرة أياما، ثم رسم له بأن يتوجه إلى دمياط بطالا من غير سجن فتوجه إليها ثم أمر بالإفراج عن الأمير تمراز الشمسى من ثغر دمياط، فحضر هو والأمير دولات باى النجمى، وكان مقيما بها من دولة الظاهر
(١) انظر المزيد فى: الضوء اللامع ٣/ ٤٠، بدائع الزهور ٨٧/ ١٥٦/٢.