فمن الحوادث فيها: قد ظهر فى السماء بعد مغيب الشفق حمرة عظيمة من جهة الغرب، ثم اشتدت الحمرة حتى صارت كالنار الموقدة وكان وراء تلك الحمرة برق ساطع فصار كلما لمع حال للناظر أنها نار لا محالة، وانتشرت تلك الحمرة حتى كادت تغطى ثلث السماء، واستمر ذلك إلى نصف الليل فخاف الناس من ذلك، وتضرعوا إلى الله تعالى، فانكشفت تلك الحمرة قليلا قليلا حتى انجلت وصبح الناس يتحدثون بما جرى فى تلك الليلة، من عجائب صنع الله تعالى ذكر لذلك المقريزى.
ومن الحوادث فى أيام الملك الناصر فرج أيضا قيل إن فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة كسر النيل المبارك أول يوم من مسرى وبلغت الزيادة فى تلك السنة اثنين وعشرين ذراعا وأصبح من ثلاثة وعشرين ذراعا فحصل للناس بذلك الضرر الشامل، وغرق أكثر البلاد والبساتين وانقطعت الطرق وهذا لم يسمع بمثله فيما تقدم، وفى معنى ذلك يقول بعضهم.
يا رب أن النيل زاد زيادة … أدت إلى هدم فرط تشتت
ما صره لوجه على عاداته … فى دفعه أو كان بدفع بالتى
ومن هنا نرجع إلى أخبار الملك الناصر فرج فإنه استمر يذبح فى كل ليلة من المماليك بحسبما يختار، قيل كان يخرج بعد العشاء وهو سكران فيعرضون عليه المماليك وهم فى جنازير فيذبح منهم بيده ما يختار، ثم بعد أن يذبحهم يقول هذا من؟ فيقولوا له: هذا فلان من الطبقة الفلانية فيدوس وجهه برجله وهو بالزربول، وقيل كان يبول على وجوههم، وذكروا عنه أشياء من هذه الأفعال الشنيعة يطول شرحها فعند ذلك نفرت منه القلوب وصارت المماليك تنسحب من الديار المصرية ويتوجهون إلى الأمير نوروز الحافظى والأمير شيخ المحمودى بالشام فالتف عليهما جماعة من النواب ومن المماليك السلطانية وقويت شوكتهما وصار الملك الناصر فرج كل يوم فى إدبار وانحطاط، فعند ذلك خرج إليهم هو والعساكر والأمراء وصحبته الخليفة العباسى والقضاة الأربعة. وقيل خرج فى هذه التجريدة وهو لابس آلة الحرب هو والعسكر وذلك فى أواخر سنة أربعة عشرة وثمانمائة وهى التجريدة الثالثة التى قتل فيها، فإنه خرج فى أول سلطنته إلى تنم الحسنى نائب الشام لما عصى وخرج إلى تمرلنك لما وصل إلى دمشق وجرى ما قد تقدم ذكره، وهذه التجريدة بسبب نوروز وشيخ لما أظهرا العصيان فلما وصل الملك الناصر إلى دمشق بقى