فصار الأتراك يتقعون مع بعضهم والعربان يتقعون مع بعضهم والحرب ثائر بينهم ويتزايد كل يوم وصار يقتل فى كل يوم من الفريقين جماعة كبيرة، ثم إن الأمير آقبردى أرسل أحضر أخشابا كثيرة برسم عمل الطوارق وأحضر نحاسا بسبب سبك مكاحل، وكان له همة عالية وأصرف من ماله فى هذه الحركة أكثر من خمسين ألف دينار، وصار يمد فى كل ليلة سماطا عظيما لمن عنده من الأمراء والعسكر وكان عنده من الأمراء المقدمين الأتابكى تمراز الشمسى والأمير تانى بك قرا أمير مجلس والأمير آقباى نائب غزة رأس نوبة النواب والأمير جانم مصبغة حاجب الحجاب والأمير كرتباى أمير أخور كبير والأمير جانم الأجرود والأمير برد بك الخازندار والأمير برد بك نائب جده والأمير كرتباى أخو الأمير آقبردى الدوادار والأمير قنب بك نائب الإسكندرية فهذه عدة من كان مع الأمير آقبردى من الأمراء المقدمين غير الأمراء الأربعينات والعشروات وجماعة كثيرة من العسكر.
وأما ما كان فوق القلعة عند السلطان من الأمراء المقدمين الأمير سودون العجمى والأمير جان بلاط الغورى الأمير قانى باى الرماح، ومن الأمراء الأربعينات الأمير قانصوه خال السلطان وغير ذلك جماعة كبيرة من الأمراء العشراوات وأكثر العساكر كان فوق القلعة ثم طلع الأمير أزبك اليوسفى إلى القلعة وكان بطالا ولما طال أمر الأمير آقبردى فى القتال فظهر الأمير كرتباى الأحمر والأمير جان بلاط الدوادار والأمير فنت الرحبى والأمير قرقماس والأمير قانصوه المحمدى الشهير بالبرجى وكانوا هؤلاء قد اختفوا من حين ركبوا مع الأتابكى قانصوه خمسمائة، فلما طلعوا إلى القلعة اشتد القتال وصاروا يرمون بالمدافع والبندق والرصاص من فوق القلعة وكانوا مالكين باب السلسلة وباب المدرج والنسوة، وكان الأمير آقبردى معه من باب القرافة إلى عند مدرسة السلطان حسن وصار مع الأمير آقبردى صنجق سلطانى وصار مع من بالقلعة صنجق سلطانى والكل يقولون الله ينصر السلطان فتحير بينهما العسكر ولا بقى أحد يعرف طريق الجيزة فى أى الفريقين ولا يعرف العاصى مع الطايع وداموا على ذلك والحرب كل يوم عمال، وصار يقتل فى كل يوم من الفريقين جماعة كثيرة من مماليك السلطان ومن العربان فدخل عيد النحر وهم على ذلك وكان لهم فى يوم عيد النحر أشد قتال. ثم إن الأمير آقبردى فرق على العسكر أضحية من ماله وأعطاهم جامكية شهر معجلا ولم يضح فى تلك السنة من الناس إلا القليل ولا وجدت الأضحية فى تلك السنة من عظم الفتن فى البر والبحر وكانت جميع أسواق القاهرة معطلة من البيع والشراء وتشحطت الغلال فى تلك الأيام وقل الخير من الأسواق وتوقف النيل فى