قط ما اتفقت لأحد من أبناء الملوك قبله سوى ما وقع للملك الصالح أمير حاج بن الأشرف شعبان فإنه لما سلطنوه لقبوه بالملك الصالح، فلما خلعه الملك الظاهر برقوق ثم أعيد ثانى مرة فلقبوه بالملك المنصور وكان سبب تغيير لقب الناصر محمد بن الأشرف قايتباى أن مماليك أبيه صاروا يسمون الأشرفية والخرج الذى أخرجه ابن الناصر صاروا يسمون الناصرية فعز ذلك على مماليك أبيه وقالوا لقبوه الأشرف مثل والده ونصرة الأشرفية فموجب ذلك غيروا لقبه وسموه الأشرف فاستمروا يكتبون فى المراسم والمربعات والمناشير باسم الناصر ولم يسمع لهم شئ وصار الخطباء بعضهم يخطب باسم الناصر وبعضهم يخطب باسم الأشرف.
لما كان مستهل شهر رجب من السنة المذكورة جاءت الأخبار بأن الأتابكى قانصوه خمسمائة لما تلاقى مع الأمير آقبردى الدوادار على خان يونس بالقرب من غزة فوقع بينهما وقعة عظيمة لم يسمع بمثلها ودخل الأمير آقبردى إلى خان يونس وحاصره الأتابكى قانصوه خمسمائة بمن معه من العسكر أشد الحصار حتى أن الأمير آقبردى طلب من الأتابكى قانصوه الأمان. ثم بعد ساعة وقد أدركه الأمير آقباى نائب غزة والأمير أينال باى نائب طرابلس وشيخ العرب ابن نيعه وكانوا من عصبة الأمير آقبردى فوقع هناك مقتله عظيمة فقتل فيها جماعة كثيرة من الأمراء قانصوه الألفى والأمير كسباى والأمير يشبك قمر وجماعة كبيرة من الأمراء والعسكر فمنهم الأمير ماماى الدوادار أحد الأمراء المقدمين والأربعينات والعشروات وقتل الأمير فيروز الزمام وكان صحبة الأتابكى قانصوه لما توجه إلى نحو غزة.
وأما الأتابكى قانصوه خمسمائة فمن الناس من يقول إنه قتل مع جملة من قتل ومن الناس من يقول إنه نجا بنفسه على فرس وهرب تحت الليل والله أعلم بحقيقة ذلك وهذه رابع كسرة وقعت للأتابكى قانصوه خمسمائة كما يقال فى المعنى.
والنفس لا تنتهى عن نيل مرتبة … حتى يروم الذى من دونها العطب
ثم إن الأمير آقبردى أرسل إلى القاهرة رؤوس من قتل هناك من الأمراء والعسكر منهم رأس الأمير ماماى والأمير فيروز الزمام وغير ذلك من الأمراء والخاصكية جماعة كبيرة نحو أربعة وثلاثين رأسا وهم على رماح مشهورة، وكان يوم دخولهم إلى القاهرة يوما مشهودا لم ير مثله ودقت بسبب هذه النصرة الكوسات سبعة أيام وعلقوا تلك الرؤوس على باب زويلة يومين فكان ذلك يوم الخميس رابع شهر رجب فعند ذلك أرسل السلطان خلف الأمير آقبردى الدوادار فلما وصل إلى قرب قطبا كان معه من الأمراء الذين