للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما كان يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الأخر من السنة المذكورة ظهر الأتابكى قانصوه خمسمائة هو وحشداشينه قانصوه الألفى وماماى وكسباى ويشبك قمر وغيرهم من الأمراء ولبسوا آلة الحرب وتوجهوا إلى الميدان الكبير الذى فى الناصرية ثم توجهوا إلى بيت أزبك أمير كبير الذى فى الأزبكية فدخل الأتابكى قانصوه إلى هناك فلم يتوجه إليه من العسكر إلا قليل فأقام هناك يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فنزل إليه المماليك الأجلاب الناصرية من القلعة ما بين مشاة وركاب، فما سمع الأتابكى قانصوه بذلك هرب هو ومن معه من العسكر وخرج من الأزبكية إلى الفضاء وهذه ثالث كسرة وقعت للأتابكى قانصوه خمسمائة فكان كما قيل:

فموتى فى الوغى عيشى لأنى … رأيت العيش فى أرب النفوس

فلما هرب الأتابكى قانصوه من الأزبكية نزل المماليك الأجلاب نهبوا كل ما فى الأزبكية وأحرقوا أبواب الأتابكى أزبك التى بها والبيوت التى حوله ونهبوا قماش الناس حتى بسط الجامع والحصر والقناديل وحواصل كانت للأتابكى أزبك فيها نشاب وسكر وغير ذلك فكان كما قال القائل.

وجرم جره سفها قوم … فجل نعير جانبه العذاب

ثم جاءت الأخبار بأن الأتابكى قانصوه خمسمائة لما تسحب من الأزبكية توجه إلى نحو مدينة غزة وكان الأمير آقبردى الدوادار لما مسك الأتابكى تمراز وتسلطن الملك الناصر محمد فاستمر الأمير آقبردى مختفيا فى القاهرة مدة، ثم توجه فى الحفنة إلى عند الأمير آقباى نائب غزة فأقام عنده فلما انكسر الأتابكى قانصوه توجه إلى نحو غزة ليقتل الأمير آقبردى فلما تلاقى معه وقعت بينهما هناك مقتلة عظيمة وقتل فيها جماعة كبيرة وانكسر الأتابكى قانصوه كما سيأتى ذكره فى موضعه.

ولما كان يوم السبت تاسع عشرين جمادى الأخر من السنة المذكورة حصل بين المماليك الأجلاب فى الحوش السلطانى تشاجر وقالوا للأمراء غيروا لقب السلطان وسموه الملك الأشرف مثل والده فقال لهم الأمراء وكيف يكون ذلك بعد ما قد خرجت عدة مناشر ومربعات باسم الناصر وشاع ذلك فى البلاد الشامية والمصرية فصمموا على ذلك وقالوا لابد من ذلك وإلا تقع فتنة عظيمة بين المماليك فعند ذلك نادوا فى القاهرة بأن السلطان صار لقبه الملك الأشرف فتعجب الناس من ذلك بعد مدة سبعة أشهر وهذه الواقعة

<<  <   >  >>