ويكون الصوفية فيه ساكنه وأوصى بأن يدفن فى لحد عند المشايخ الذين حوله وأوصى بثمانين ألف دينار يشترى بها أوقاف للجامع، وجعل الأتابكى أيتمش كافل ولده الناصر فرج وإليه أمر الحل والعقد والولاية والعزل، وجعل الأمير تغرى بردى أمير سلاح وصيا والأمير بيبرس الدوادار وصيا (١) والأمير يشبك الشعبانى وصيا والأمير تنم الحسنى وصيا وهو نائب الشام، وجعل الخليفة المتوكل على الله ناظرا للجميع وإليه مرجع الأمر.
ثم انفصل المجلس على ذلك ونزل الأتابكى أيتمش إلى بيته ومعه سائر الأمراء فى خدمته.
ثم إن السلطان بعد أن أفاق غرق فى الضعف. فلما كان وقت التسبيح توفى السلطان الملك الظاهر برقوق إلى رحمة الله تعالى كأنه لم يكن فسبحان من لا يزول ملكه ولا يتغير، كما قيل فى المعنى.
ترجو البقاء بدار لا ثبات لها … فهل سمعت بظل غير منتقل
فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية والبلاد الشامية إلى أن مات ستة عشرة سنة وأربعة أشهر وسبعة وعشرين يوما، منها السلطنة الأولى ست سنين وثمانية أشهر وسبعة وعشرون يوما، والسلطنة الثانية إلى أن مات تسع سنين وثمانية شهور، والفترة بينهما لما تسلطن المنصور أمير حاج ثمانية شهور. وكانت مدة أتابكيته بمصر أربع سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام، فكانت مدة حكمه أتابكيا وسلطانا إحدى وعشرين سنة وعشرة أشهر وستة عشر يوما فسبحان من لا يتغير كما يقال فى المعنى:
ومن يا من الدنيا يكن مثل قابض … على الماء حانته فروح الأصابع
ولما مات السلطان برقوق فى ليلة الجمعة خامس عشر شوال سنة إحدى وثمانمائة، فكان له من العمر نحو اثنتين وستين سنة. وخلف من الأولاد ستة، ثلاثة ذكور وهم: فرج وعبد العزيز وإبراهيم، وثلاث أناث وهن: خوند ساره وخوند ديرم وخوند زينب، وخلف من الذهب العين ألفين ألف دينار وأربعمائة ألف دينار، ومن الخيول ستة آلاف فرس، وقيل اثنى عشر ألف فرس، ومن الجمال خمسة آلاف ومثلها بغال، قال الحباب الشهابى أحمد ابن قطينة لما تولى أمير أستادار كان عليق السلطان برقوق فى كل شهر اثنى عشر ألف أردب من الشعير والفول، وبلغت عدة مماليكه سبعة آلاف وقيل أكثر من ذلك، وكان كثير