للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحسبنا كل الحساب إلا … ما جرى لو ما مر بالخاطر

دمعة العين منى على الغورى … من دماها تجرى لحزنى عين

كان عليه ترقب زمان ملكو … والسعادة حتى أصابوا عين

ذى العساكر شبهتها روضة … فيها أغصان فرسان عليها زهور

واللبوس من الحديد تحكى … ورد أحمر بين الرياض منثور

والأمارة تحكى شجر مثمر … فى رياض نشروا غدا عاطر

والمدافع ترمى سفرجل كبار … ول رمان يحكى من الفحول فاخر

كم اسلى قلبى على الغورى … وأقلوا يا قلب من تفكر

كل حادث بأمر القديم راحل … والاقامة للأول الآخر

***

يا للذى جا يسمع عقود نظمه … خذ وحر عنو بديع نقلوا

وان أتى من يطلب التاريخ … والوقايع عن الملوك قلوا

غربت شمس دولة الغورى … وابن عثمان نجوا طلع ساير

وبهذا رب السما قد حكم … والفلك دار ولم يزل داير

ويتتبع ابن إياس حركات الغزاة بإفاضة منذ "مرج دابق" حتى قدومهم إلى القاهرة فى أواخر شهر ذى الحجة ٩٢٢ هـ (ديسمبر سنة ١٥١٦ م) ويصف أهبة السلطان طومان باى، لمقاومة الفاتح، بحماسة، وينوه بهمته العالية، فى إعداد وسائل الدفاع، ويجيد شرح الوقائع الهائلة، التى نشبت متعاقبة بين الجيش التركى وعلى رأسه سليم الأول. وبين الجيش المصرى وعلى رأسه طومان باى والمماليك، وكيف عبس القدر لمصر وجيشها، فهزم طومان باى مرارا فى أنحاء القاهرة وضواحيها، ولكنه استمر فى دفاعه جلدا مستبسلا، حتى انفض عنه معظم أنصاره وجنده، ففر إلى الصعيد، يجمع هناك أشتات جيشه، وعتاده، وقد كان من الواضح أن تفوق الترك فى السلاح، ولا سيما فى المدفعية، كان له أكبر الأثر فى هزائم القوات المصرية المتوالية، هذا إلى سريان التفكك والفوضى، والخيانة بين الأمراء والقادة. وكان من المتعذر بعد هزيمة مرج دابق الساحقة أن تجتمع القوات المصرية مرة أخرى، فى جيش كثيف متماسك، يستطيع صد الغزاة.

<<  <   >  >>