للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف تكون الحيلة فى قتله؟ فقالت: الرأى عندى أن يجهز له رجال يقتلونه إذا خرج إلى حلوان، فإنه ينفرد بنفسه هناك وإذا قتل تكون أنت المدبر للدولة ولده من بعده ووزيره.

فاتفقت معه على ذلك ومضت إلى دارها، فلما كان اليوم الذى خرج فيه الحاكم فعمد الأمير سيف الدين إلى عشرة من العبيد السود وأعطى لكل واحد منهم خمسمائة (١) دينار وعرفهم كيف يقتلونه، فسبقوه قبل خروجه إلى حلوان، فلما أتى إلى حلوان وانفرد بنفسه كعادته فخرج عليه هؤلاء العبيد وقتلوه بالقرب من حلوان.

فلما مضت أيام ولم يحضر الحاكم خرج إليه الناس والعسكر وكانوا ما بين ديالمة ومصامدة وصقالبة وعبيد سود، فخرجوا يلتمسون رجوعه ومعهم دواب الملك والموكب والجنائب الذهب وشعائر الملك فلم يحضر إليهم أحد، ففعلوا ذلك سبعة أيام، ثم خرج مظفر الدين الحاجب ومعه جماعة من العسكر فاستطردوا إلى دير البغل ثم أخذوا فى الدخول إلى الجبل المقطم. فبينما هم على ذلك إلا ظهر لهم حماره الأشهب المدعو بالقمر وقد قطعت يداه [ورجلاه] وعليه سرجه ولجامه.

فتبعوا أثر الحمار إلى أن انتهوا إلى أخر المقصبة التى فى شرقى حلوان فنزل رجل إليها فوجد ثياب الحاكم وهى جبة صوف أبيض ووجدوا فيها آثار السكاكين فلم يشكوا فى قتله من بعد ذلك، وكان قتله فى شهر شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وقد تمت حيلة أخته فى قتله، وكانت من النساء المدبرات من ذوى العقول.

قيل: إنها لما ماتت بعد أخيها (٢) الحاكم وجد عندها أربعة آلاف جارية ما بين مولدات وبيض وسود، فمنهن ألف وخمسمائة جارية أبكار والباقون بنات، ووجدوا عندها اثنين وثلاثين زيرا صينيا مملوءة من المسك السحيق، غير ما وجد لها من الأموال والتحف ما لا يحصى لكثرته.


(١) إضافة من الخطط للمقريزى.
(٢) انظر التفاصيل فى أتعاظ الحنفا للمقريزى.

<<  <   >  >>