للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو الذى أسكن اليهود فى حارة زويلة، وجعل لهم حمامات وحدهم، وكان فى وقت أمرهم أن يدخلوا كلهم فى الإسلام فخافوا منه وأسلموا كلهم ثم أذن لهم بالعودة إلى دينهم، فارتد منهم فى يوم واحد سبعة آلاف يهودى ثم أمر بهدم كنائسهم ثم أعادها على ما كانت عليه، وهو مازال يتدرج فى الأفعال الشنيعة حتى قتل الأمير برجوان، وكان من أمراء جده المعز وهو صاحب حارة برجوان، وكان الحاكم يخشى من برجوان، وكان برجوان صاحب سطوة على الحاكم فمازال عليه حتى احتال فى قتله، فلما قتل برجوان احتاط الحاكم على موجوده، فوجد له من الأموال ما لا يحصى لكثرته فمن جملة ذلك وجد له ستة آلاف قطعة محيطة من سائر أنواع الحرير الملون، ووجد له ألف سروال بألف تكة حرير، وفى كل تكة نافحة مسك، ووجد له ألف قميص حرير، ووجد عنده سبعة أزيار صينى كبار مملوءة كافور قنصورى قديم وزن كل قطعة ثلاثة مثاقيل ووجد عنده سبعمائة نرجسية ذهب وفضة ووجد له من الدواب أربعة آلاف فرس، وأشياء كثيرة غير ذلك لا تحصى.

ولما قتل برجوان صفا للحاكم الوقت ولا بقى على يده يد فزاد فى الظلم والجور فى حق الرعية وصار يأمر بأشياء تضحك منها الناس.

فمنها: أنه مر يوما بحمام الذهب فسمع فيه ضجيج النساء فأمر بأن يسد عليهن باب الحمام فسدوه عليهن حتى مات جميع النساء اللائى كن فى الحمام عن أخرهن. ومنها: أنه أمر بمنع بيع الذهب والعنب، وأمر بحرق الكرم وقطعها فقطع منها شئ كبير ثم نهى عن بيع العسل وكسر منه نحو اثنى عشر ألف قطر، ثم منع الناس من أكل الملوخية وأكل القرع وعلل بتحريم الملوخية لكون أن معاوية بن أبى سفيان كان يميل إليها، ثم إنه أطلع على جماعة أكلوا ملوخية فضربهم بالسياط وطاف بهم فى القاهرة ثم ضرب أعناقهم بباب زويلة.

ثم نهى عن بيع السمك الذى لا قشر له، ونهى عن بيع الرطب والترمس، ثم أمر بقتل الكلاب، فقتل منها نحو ثلاثين ألف كلب، ثم إنه صار يوقد الشمع فى مجلسه ليلا ونهارا ثم إنه جلس فى الظلام مدة طويلة. ثم إنه أمر الناس بأن يغلقوا الأسواق بالنهار ويفتحوها بالليل ويجعلوا الليل مقام النهار فى جميع أحوالهم فامتثلوا ذلك دهرا طويلا. ثم إنه اجتاز يوما لشيخ يعمل فى النجارة بعد

<<  <   >  >>