يا ليته لو كانت لحيته بيضاء لكان مكملا فى البياض وكان السلطان أبيض اللون صافى البياض جدا فكان كما قال الشاعر:
أقبل من أهواه فى حله … بيضا والجسم لكافور
فقلت لم تحترذا ملبسا … فقال لى نور على نور
ومما أحدثه فى أيامه: أنه فطر فى شهر رمضان ليلتين فى الأيوان الكبير بالقلعة ومد به السماط وهذا لم يفعله أحد من الملوك قبله.
ولما كان يوم الاثنين تاسع عشر شوال من السنة المذكورة خرج المحمل الشريف من القاهرة فى محمل زايد وموكب عظيم وكان أمير المحمل فى تلك السنة المقر السيفى قانصوه البرجى أمير مجلس وأمير اول والأمير جان بلاط المحتسب. ولما أخلع عليهم السلطان ونزلوا من القلعة نزل معهم الأتابكى جان بلاط والمقر السيفى تانى بك الجمالى أمير سلاح وبقية الأمراء المقدمين واستمروا معهم إلى عند قبة الأمير يشبك الدوادار التى فى رأس الحسينية.
وفى هذه السنة: لم يشيل المحمل من بركة الحاج إلا ليلة الخامس والعشرين من شوال وهذا لم يقع قط للحج وحصل لهم غاية الضرر. وكان أمر الحج فى تلك السنة أمر ضعف من قلة الأمن وفساد العربان وشدة الحر وخلف الأمراء فى بعضهم وعصيان نائب الشام وقد قاسوا فى السنة الحالية ما لا خير منه كما تقدم ولم يأخذ لهم أحد بتار ولا انبطحت فى ذلك شاتين وراح على الناس أموالهم وأسر منهم من أسر عند العربان فاللهم الطف بهم فى هذه السنة المشقة. ولما كان يوم الاثنين ثالث ذى القعدة: أخلع على الأمير قنب الرحبى حاجب الحجاب واستقر نائب طرابلس وأخلع على الأمير قانصوه الغورى واستقر رأس نوبة النواب وأنعم على الأمير طراباى الدوادار الثانى بتقدمة ألف وأنعم على الأمير أنس باى شاد السربخاناه بتقدمة ألف.
وفى هذه الأيام: اضطربت الأحوال وتواترت الأخبار بأن نائب الشام قصروه تمادى على العصيان وقد التف عليه جماعة كثيرة من النواب، واضطربت أحوال البلاد الشامية بسبب ذلك وتعطلت أحوال التجار وقل الحالب الذى كان يحضر من البلاد الشامية إلى الديار المصرية من البضائع وغيرها.