للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الأمير مصرباى وقنبك أبو شامة فهربا ونزلا من القلعة واختفيا، ثم إن المماليك نزلوا من القلعة إلى المدينة ونهبوا بيوت جماعة ممن كانوا ركبوا مع الأمير آقبردى الدوادار وثارت الفتنة بعد ما كانت خمدت واضطربت الأحوال فعند ذلك طلع الأتابكى أزبك أمير كبير والأمير تانى بك الجمالى أمير سلاح وبقية الأمراء ولاموا السلطان على رهجه فى الأمور، ثم خمدت الفتنة وسكن الأمر ثم تزايد جور المماليك فى حق الناس بالظلم وصاروا يأخذون أموال الناس بغير حق وتزايد منهم الضرر فعند ذلك وقع الوباء بالديار المصرية وكان مبتدأه من جمادى الأخر من سنة ثلاث وتسعمائة ولا يسلسل إلى شوال فمات فيه جماعة كثيرة المماليك والعبيد والجوارى والأطفال والغرباء وتوفى عقيب ذلك الأمير جان بلاط الغورى رأس نوبة النواب والأمير صنطباى المبشر وجماعة كبيرة من المماليك ومن الخاصكية وبقى الفصل عمال والمماليك تشوش على الناس وفى ذلك أقول.

قل للوباء أنت والمماليك … جاوزتما الحد فى النكاية

ترفقا بالورى قليلا … فى واحد منكما كفاية

ولما كان رابع عشر شوال من السنة المذكورة حضر إلى القاهرة خاصكى من حلب وأخبر بأن العسكر لما وصل إلى حلب وقع بينه وبين العسكر الذين مع الأمير آقبردى وقعة عظيمة فهرب الأمير آقبردى وعدى من الفرات إلى قلعة البيرة فأقام بها وقتل فى هذه المعركة أينال نائب حلب وكان قد توجه من حلب، صحبة الأمير آقبردى وقتل بها أحد أولاد على دولات أخو سوار وجماعة كثيرة من المماليك والتراكمة الذين كانوا مع الأمير آقبردى فأحضروا رءوس من قتل فى هذه الوقعة إلى القاهرة وطافوا بها المدينة على أرماح فكانت عدة الرءوس التى طافوا به واحد وثلاثين رأسا ثم علقوها على أبواب المدينة، وكان يوم دخولهم إلى القاهرة يوما مشهودا.

وفيها: توجه المقر السيفى قانصوه خال السلطان إلى الشرقية والغربية بسبب تمهيد البلاد فكانت مدة غيبته واحد وستين يوما فلما كان يوم السبت مستهل ذى الحجة من السنة المذكورة: دخل المقر السيفى قانصوه خال السلطان إلى القاهرة فزينت له ودخل فى موكب عظيم وطلع إلى القلعة ولبس خلعة عظيمة فلما نزل من القلعة أحاط به المماليك الأجلاب فى وسط الرماية وقالوا له: اطلب لنا من السلطان نفقة بسبب النصرة التى حصلت ووقعة الأمير آقبردى فما نزل الأمير قانصوه إلى بيته إلا بألف جهد.

<<  <   >  >>