يتسحب من عسكره جماعة من المماليك السلطانية ويتوجهون إلى عند نوروز وشيخ، وقد اجتمع عندهما من الأمراء والنواب ما يزيد على عشرين أميرا مثل قرقماس المسمى بسيدى الكبير وبكتمر جلق وسودون المحمدى وشاهين الأقزم وطوغان الحنينى وغيرهم من الأمراء.
فلما وصل الملك الناصر إلى دمشق صار النواب والأمراء الذين خامروا يتوجهون كل يوم من بلد إلى بلد والملك الناصر فى أثرهم سوقا هو والعسكر وقد انقطع من العسكر جماعة كثيرة من شدة السوق والتعب إلى أن بلغ هو والنواب فى مكان يعرف باللجون بالقرب من دمشق قد كبس الملك الناصر فرج وهو لا يعى من شدة السكر فكلمه الأمراء والقاضى فتح الله كاتب السر بأن ينزل هناك ساعة حتى يستريح العسكر ويريحوا خيولهم.
فلم يلتفت إلى شئ من ذلك ولا عبأ بكلامهم، وقال: أنا لى سنون انتظر هذا اليوم ومتى
ما تهاونت ساعة، فهربوا متى قد كبس عليهم فهرب الأمير قجق أمير سلاح، وتوجه إلى شيخ ونوروز، فلما رأى بقية العسكر هذا الحال فلوا من حوله، وهو مع ذلك مصر على القتال فلم يكن إلا ساعة وقد انكسر الملك الناصر فرج وانهزم إلى نحو دمشق، فدخل إلى دمشق فى نفر قليل من المماليك الصغار نحو ثلاثمائة مملوك وذلك فى ليلة الأربعاء خامس عشرين المحرم سنة خمسة عشرة وثمانمائة فبات تلك الليلة فى تربة تنم نائب الشام. ثم إن شيخ ونوروز استوليا على الخزائن والأطلاب وتوجها إلى دمشق ومعهما الأمراء والعسكر وقد انتصرا على الملك الناصر فرج وكسراه وفى ذلك يقول الشيخ تقى الدين ابن حجة من قصيدة
نثروا على اللجون نظم عساكر … وأطاعهم فى النظم بحر وافر
وجميع هاتيك البغاة بأسرهم … دارت عليهم بالفلوس دواير
فلما استقروا بالشام أحضروا الخليفة العباسى والقضاة الأربعة وعقدوا مجلس بسبب خلع الملك الناصر من السلطنة، ومن يتسلطن عوضه، ثم خلعوا الملك الناصر من السلطنة فأرسل الملك الناصر يطلب الأمان من الأمير شيخ فقبض عليه وقيده وحبسه بقلعة دمشق، ولو أن الملك التجأ إلى الأمير نوروز الحافظى لكان خيرا له لأنه كان صهره متزوجا بأخت الملك الناصر ولكن التجأ إلى الأمير شيخ وخاف من الأمير نوروز والذى خاف منه وقع فيه ولما خلع الملك الناصر فرج من السلطة كتب محضرا بأفعاله الشنيعة وقامت بذلك البينة