للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فى خلافة معاوية بن أبى سفيان، وقيل لما اعتل عمرو بن العاص عند موته أحضر ما حصله من الأموال فى مصر فكانت مائة وأربعين شيكارة من الدنانير، فقال لابنه عبد الله إذا أنا مت فأردد إلى كل ذى حق حقه من هذا المال. فلما بلغ معاوية ذلك، قال:

نحن أحق بذلك وأرسل ثم أخذ الأموال وأدخلها فى بيت مال المسلمين.

وسبب جمع هذه الأموال التى جمعها عمرو بن العاص من مصر، قال الأستاذ إبراهيم بن وصف شاه (١) فى أخبار مصر: إن عمرو بن العاص لما افتتح مصر جمع من فيها من القبط، وقال لهم كل من كان عنده كنز وهمنى خبره قتلته، فقيل لعمرو بن العاص إن قبطيا من أهل الصعيد يقال له بطرس (٢) عنده كنز.

فأرسل إليه عمرو، فلما حضر بين يديه قال له: بلغنى أن عندك كنزا، فأنكر ذلك بطرس وصمم على إنكاره، فحبسه عمرو فى السجن، وقال للموكلين به هل تسمعونه يسأل عن أحد من أصحابه. فقالوا له: قد سمعناه يسأل عن راهب فى مدينة الطور (٣)، فأرسل عمرو بن العاص إلى بطرس وهو فى السجن وأمره أن ينتزع خاتمه من أصبعه، فنزعه فأرسله عمرو إلى ذلك الراهب الذى فى الطور وهو يقول له الوديعة التى عندك احضرها، فأرسل ذلك الراهب حقه مختومة بالرصاص، ففتحها عمرو بن العاص فوجد فيها صحيفة مكتوب فيها أن أموالكم تحت الفسقية الكبيرة فحبس عنها الماء ثم قلع البلاط الذى تحتها فوجدها مخبأ فيها ذهب سلب، فكان قدره اثنين وخمسين أردبا ذهبا دنانير. فأرسل عمرو وأحضر بطرس وضرب عنقه عند باب الجامع الكبير، فخاف جميع القبط على أنفسهم من القتل، وصار كل من كان عنده كنز أظهره وإلا صار مثل بطرس، فهذا كان سببا لجمع الأموال التى وجدت عند عمرو بن العاص.

وكانت وفاة عمرو بن العاص فى أخر يوم من شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين من الهجرة، ومات و- له من العمر خمس وتسعون سنة، فأخرجه ابنه عبد الله فى


(١) ورد ذكره فى بدائع الزهور لابن إياس.
(٢) هذا ما أثبته المقريزى فى الخطط.
(٣) وهى بالقرب من مصر عند موضع يسمى مدين، جبل يسمى الطور ولا يخلو من الصالحين. انظر: معجم البلدان ٦/ ٦٧.

<<  <   >  >>