للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى هذه السنة: قصد السلطان الملك الأشرف شعبان بأن يتوجه إلى الحجاز الشريف، وكان السلطان متوعكا فى جسده فأشار عليه بعض الصلحاء بترك الحج فى هذه السنة فأبى ولم يقبل منهم ذلك، وحج فى تلك السنة وخرج من القاهرة فى محمل زايد وطلب عظيم وكان معه عشر محفات بأعشية زركش برسم الحريم، وستة وأربعين زوج محاير باعشية محمل على سائر الألوان وبناها فى برقة حتى حمل معه أشجارا مزهرة فى طينها فى صناديق خشب وغير ذلك من الأشياء الغريبة التى لم يسمع بمثلها. وخرج يوم السبت ثانى عشر شوال من السنة المذكورة وسافر معه من الأمراء المقدمين الألوف تسعة ومن الأمراء الطبلخاناة خمسة وعشرون أميرا ومن الأمراء العشروات عشرون أميرا، فخرج طلب السلطان أولا ثم خرج بعده اطلاب الأمراء أولا بأول حتى انتهوا ثم توجهوا إلى بركة الحاج، ثم خرج السلطان فى يوم الاثنين رابع عشر شوال وتوجه إلى سرياقوس فأقام بها إلى يوم الثلاثاء ثانى عشرين شوال، ثم إن السلطان أخلع على الشيخ ضياء الدين القنوى واستقر به شيخ مدرسته التى فى السوة وقرر فيها حضورا وطلبه من بعد العصر، وكانت هذه المدرسة من محاسن الدنيا فى الزخرف والبناء وقد هدمت هذه المدرسة فى دولة الملك الناصر فرج بن برقوق. ثم إن السلطان بعد أن أخلع على الشيخ ضياء الدين القنوى فى سرياقوس رحل منها وتوجه إلى بركة الحاج ونزل بها هو والأمراء الذين سافروا معه.

وكان السلطان ضبط أمور المملكة قبل أن يخرج إلى الحجاز وأخذ معه من الأمراء من كان يخشى منه وترك فى القاهرة من كان يركن إليه من الأمراء ورسم لنائب السلطنة وبقية الأمراء الذين هم مقيمون بالقاهرة أن يطلعوا إلى القلعة فى كل يوم اثنين وخميس ويدخلوا إلى باب الستارة ويطلبون الأسياد أولاد السلطان ويعطوهم الخدمة، وكان على أكبر أولاد السلطان فامتثل الأمراء ذلك، وظن السلطان أن الوقت قد صفا له والأقدار تجرى بخلاف الاختيار كما قيل فى المعنى

إذا لم تكن عون من أبيه ليفنى … فأول ما يجنى عليه اجتهاده

ثم إن السلطان رحل من بركة الحاج وصحبته الأمراء كما تقدم وجعل الأمراء المودعين إلى بيوتهم. فلما كان يوم السبت ثالث ذى القعدة اتفق طشتمر المحمدى أحد الأمراء العشروات وقرطاى الطارى وأسندمر الصرغتمش وأينبك البدرى الكل من الأمراء العشروات ويضاف إليهم جماعة كبيرة من المماليك السلطانية ممن كان تأخر عن السفر فلبسوا آلة

<<  <   >  >>