المقاصين كلها وأرسل يقول للأمراء: ادينى ذبحت الحمام الذى كان عندى وأنا إن شاء الله أذبح فى هذا القرب خياركم كما ذبحت الحمام. فلما بلغ الأمراء ذلك تغيروا على السلطان الملك المظفر حاجى ودخلوا إلى نائب السلطنة وأعلموه بما وقع من السلطان فعند ذلك اتفق الأمراء على الوثوب على السلطان. فلما كان يوم الأحد ثانى عشر من شهر رمضان ركب الأمراء وتوجهوا إلى قبة القصر وهم لابسين آلة الحرب. فلما سمع السلطان بذلك أمر بشد الخيول ودقت الكوسات حربى وركب السلطان هو ومماليكه وكان أكثر المماليك يخامر عليه. فلما خرج السلطان إلى عند قبة الهوى وقف هناك وأرسل الأمير شيخو إلى الأمراء يقول لهم: ايش قصدكم فقالوا: نريد أن يخلع السلطان نفسه من الملك. فلما سمع السلطان ذلك الجواب. فقال: لا ما أخلع نفسى من الملك وما عندى إلا السيف. فعاد الأمير شيخو إلى الأمراء بهذا الجواب وقد صارت المماليك تنسحب من عند السلطان إلى الأمراء، فبقى فى نفر قليل من المماليك، فزحفت عليه الأمراء وتقدم إليه الأمير يلبغا اروس وجماعة من الأمراء فضربوا عليه برك وتقدم إليه الأمير يلبغا اروس ونزل عن فرسه ومسك لجام فرس السلطان وتكاثروا عليه المماليك فقلعوه من سرجه وأخذوه وهو ماشى مكتف مكشوف الرأس، وأتوا به إلى عند الأمير أقطاى نائب السلطان فلما رآه نزل عن فرسه وأرمى عليه قباءه، وقال أعوذ بالله أن أقتل سلطان ابن سلطان، امضوا به إلى القلعة فاسجنوه بها فأخذه الأمير يلبغا اروس ومضى به إلى تربة فى الباب المحروق فقتله هناك ودفن من وقته ومات وله من العمر نحو عشرين سنة. وكان حاجى شجاعا مقداما جريئا سفاكا للدماء، قتل جماعة كثيرة من الأمراء وغيرهم. وفيه يقول الصلاح الصفدى:
حان الردى للمظفر … وفى الثرى قد تعفر
كم قد أباد أميرا … على المعالى توفر
وقاتل النفس ظلما … ذنوبه ما تكفر
فكانت مدة سلطنة الملك المظفر حاجى سنة وثلاثة أشهر وثمانية عشر يوما. فلما قتل المظفر حاجى وقع الخلاف بين الأمراء فيمن يولونه سلطانا وأقامت مصر بلا سلطان يومين والأحوال مضطربة والناس يدعون إلى الله تعالى فى إصلاح الأحوال، ثم من بعد ذلك وقع الاختيار على تولية حسن بن الناصر محمد ابن قلاوون فولوه بعد خلف كثير.