للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما تم أمر المظفر حاجى فى السلطنة أراد أن يقبض على جماعة من الأمراء فرسم لنقيب الجيوش بأن يدور على الأمراء المقدمين يطلعوا إلى القلعة بسبب خدمة القصر، فطلع الأمراء إلى القلعة على العادة ودخلوا إلى القصر فلما كان وقت المغرب دخل المماليك السلطانية إلى القصر ومسكوا جماعة من الأمراء وكان السلطان أتفق على المماليك مع مسك الأمراء فقبضوا على الأمير أقسنقر والأمير ملكتمر الحجازى والأمير أيتمش من عبد الغنى والأمير صمنار وغيرهم، ومن الأمراء الطلخار والعشروات. وقيل لما قبضوا على الأمير أقسنقر جرد سيفه وقصد نحو السلطان فمسكه الأمير كجك واخذ سيفه منه فلما أصبحوا أمر السلطان بتقييد الأمراء وأرسلهم إلى السجن. بثغر الإسكندرية وأما الأمير أقسنقر والأمير ملكتمر الحجازى فأمر السلطان بخنقهما فى الليل فخنقا سرا وكانا سببا لسلطنة الملك المظفر حاجى وقتل أخيه الملك الكامل شعبان فكان كما يقال فى المعنى:

ربما يرجو الفتى نفع فتى … خوفه أولى به من أمله

رب من ترجو به دفع الأذى … سوف يأتيك الأذى من قبله

وكان من مساوئ الملك المظفر اللعب بالحمام وقد خرج فى ذلك عن الحد، قال الشيخ شهاب الدين بن أبى حجلة: وقد اشتغل الملك المظفر بلعب الطيور عن تدبير الأمور، والنهى عن الأحكام بلعب الحمام فجعل السطوح داره والشمس سراجه، والبرج مناره وأطاع سلطان هواه وخالف من نهاه، فبالغ فى المرائى وانتصب بكلام الوشاه على الاغراء وفيه يقول الصلاح الصفدى:

أيها العاقل اللبيب تفكر … فى المليك المظفر الضرغام

قد تمادى فى البغى والغى حتى … كان لعب الحمام جد الحمام

قيل: إن المظفر حاجى لما قبض على يلبغا اليحياوى نائب دمشق وأحاط على موجوده فوصل إليه من الذهب العين نحو خمسين ألف دينار فلما وصلت فرقها جميعها على غلمان الحمام خلاخيل ذهب فى أرجلها وألواح ذهب فى أعناقها ولم يدخل إلى الخزائن منها بشئ فحصل عند الأمراء بسبب ذلك تغير على السلطان فلما حضر الأمير جبغا من السفر ذكروا له من الأمر ما جرى من نعرفه ذلك جميعه على من ذكر، فدخل الأمير جبغا إلى عند السلطان وذكر له ما قاله الأمراء فى حق السلطان من لعبه بالحمام فغضب السلطان من ذلك غضبا شديدا وطلع إلى سطح الحمام وذبحها أجمعين وخرب

<<  <   >  >>