للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى هذه السنة: أمر السلطان الملك الناصر محمد بهدم الإيوان الأشرفى ودور الحرم وعمر هذا الإيوان الموجود الآن وقاعة الأعمدة وما حولها. ولما حج السلطان فى السنة المذكورة أعلاه جدد بابا للكعبة الشريفة وهو من الخشب السنط الأحمر وعمل عليه الصفائح الفضة، فكان وزنها ثلاثين ألف درهم. ولما قلع الباب العتيق وزنوا ما كان عليه من الفضة فكان زنتها ستين رطلا، فأنعم بها على بنى شيبة فتقاسموها، وهذا الباب كان عمله الخليفة المقتفى بالله فى سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.

ولما حج السلطان كان بصحبته الأتابكى بكتمر الساقى وولده الأمير أحمد، فلما حج السلطان ورجع مرض الأتابكى بكتمر فى أثناء الطريق. فلما وصل إلى عيون القصب مات هناك ودفن بها فى ثانى المحرم سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، ومرض ولده الأمير أحمد أيضا ومات ودفن بها ثم نقلا من بعد ذلك إلى تربتهما بالقرافة الصغرى.

وكان الأتابكى بكتمر أصله من مماليك الملك المظفر بيبرس الجاشنكير، فلما قبض عليه السلطان الملك الناصر أخذ بكتمر مع جملة ما أخذ من موجوده فجعله ساقيا ثم عظمت مكانة بكتمر عند الناصر حتى زوجه بأخته. وكان ينزل فى بعض الأحيان إلى بيت بكتمر وينام عنده وينفرد بنفسه، وكان إذا قدم للسلطان شئ فيقدموا لبكتمر مثله أو أحسن منه، وما زال يترقى حتى بقى أتابك العسكر بالديار المصرية وصار صاحب الحل والعقد وكبرت أمواله حتى قيل كان فى اسطبله مائة اسطبل لمائة سايس، وتحت يد كل سايس طوالة خيل من الخيول الخاصة، وخلف من الأموال والجواهر والتحف ما لا يحصى للتربة، قيل ولما مات بكتمر أنعم السلطان بزردخانه على الأمير قوصون فقومت بستمائة ألف دينار.

ولما مات بكتمر ترقى من بعده قوصون وعظم أمره. وقيل وقع بين بكتمر وقوصون كلام فى تشاجر، فقال قوصون لبكتمر "أنا ما نقلت من الأطباق إلى الاسطبلات، بل أخذنى السلطان من تاجر وأنعم على بإقطاع شخص من المماليك" توفى فى ذلك اليوم فنزلت فى بيته وأخذت بركه وقماشه وصرت خاصكيا فى ذلك اليوم، قيل إن قوصون كان فى خدمة بعض التجار فرآه الملك الناصر محمد بن قلاوون، فقال للتاجر بيعنى هذا المملوك؟ فقال التاجر: هذا ما هو مملوك بل هو حر. فقال السلطان: لابد من مشتراه. فقيل إنه عوضه فيه بأشياء كثيرة واشتراه منه وأعتقه. وترقى فى أيام الناصر محمد حتى زوجه إحدى بناته.

قيل إن الأمير بكتمر كان يحجر على الملك الناصر ويمنعه من الظلم وأخذ أموال الناس.

<<  <   >  >>