فلما وصلت كتب الناصر محمد إلى النواب أخذتهم الحمية إلى ابن أستاذهم وأجابوا كلهم بالسمع والطاعة إلى الناصر محمد بن أستاذهم وعرفوه أنهم طوع يديه، ومتى أراد الحركة إلى مصر بادروا إليه.
فلما جاءت إلى الناصر مكاتبات النواب بهذا المعنى، فحرك من الكرك طالبا للديار المصرية فسار إلى أن نزل على المرج الأبيض. فأرسل أقوش الأفرم نائب دمشق بعلم المظفر بيبرس وكان من عصبيته بأن الملك الناصر تحرك طالبا نحو الديار المصرية وطاعه سائر النواب. وقد وصل إلى دمشق فانظر ماذا يصنع فى هذا الأمر. فلما بلغ المظفر بيبرس عين تجريدة، وأنفق عليهم. ثم جاءت الأخبار بأن الملك الناصر دخل إلى الشام وملكها وصلى بها الجمعة وخطب فيها باسمه، ودخل نائب الشام تحت طاعته.
ثم جاءت الأخبار بأن الناصر خرج من دمشق قاصدا الديار المصرية فعند ذلك دخل الأمير سلار النائب وجماعة من الأمراء على الملك المظفر بيبرس وقالوا له إن جماعة من الأمراء والمماليك السلطانية تسحبوا من القاهرة فى الليل وتوجهوا إلى عند الملك الناصر محمد، وقد وصل إلى غزة ومن الرأى أن ترسل إلى الملك الناصر تسأل عن مكان تتوجه إليه أنت وعيالك فلعله يجيبك إلى ذلك ومتى لم يبادر إلى ذلك دهمتك العساكر وتؤخذ كرها. فقال المظفر ومن يتوجه إلى الناصر بهذه الرسالة، فأشار الأمراء على السلطان بأن الأمير بيبرس الدوادار والأمير بهادر آص .. يتوجها بهذه الرسالة إلى الناصر فعند ذلك خلع الملك المظفر بيبرس نفسه من السلطنة وأرسل الخلع والتمجاه والترس مع الأمير بيبرس الدوادار والأمير بهادر آص إلى عند الناصر محمد وذلك يوم الثلاثاء سادس عشر شهر رمضان من السنة المذكورة.
ومن غريب الاتفاق أن الساعة التى ركب فيها الملك الناصر محمد من الشام قاصدا الديار المصرية كانت هى الساعة التى خلع فيها المظفر بيبرس نفسه من السلطنة فكانت كما قيل ساعة سعد. وادام فيها الملك الناصر محمد فى السلطنة إلى أن مات على فراشه كما سيأتى ذكره فى موضعه.
فلما توجه الأمير بيبرس والأمير بهادر آص إلى عند الملك الناصر محمد فخاف المظفر على نفسه، فدخل إلى الخزائن السلطانية وأخذ ما قدر عليه من الأموال والتحف، ونزل من القلعة ومعه مماليكه المشتراوات وكانوا نحو سبعمائة مملوك وصحبه من الأمراء بكتوت الفتاح والامير أيدمر الخطيرى والأمير قجماس فنزل من