للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن العوام صنعوا كلاما ملحنا وصاروا يغنونه فى الأسواق وأماكن المفترجات، وهو هذا:

سلطاننا ركين … ونايبو دقين

يجينا المآ … من أين

هاتوا لنا الأعرج … يجى الماء ويدحرج

وكان سلار النائب فى ذقنه بعض شعرات فى حنكه لأنه كان خطاى، وكان الملك الناصر محمد به بعض عرج، فلما فشى الكلام فى ذلك بلغ السلطان الملك المظفر بيبرس فقبض على جماعة من العوام نحو ثلاثمائة إنسان فشمر منهم جماعة وقطع ألسنة جماعة، وضرب منهم جماعة بالمقارع. ثم إن الملك المظفر قبض على جماعة من الأمراء والمماليك السلطانية فنفرت منه قلوب الرعية بسبب ذلك وأختار الناس عود الملك الناصر محمد من الكرك وكاتبه الأمراء والنواب، وصار بعض المماليك السلطانية يتسحبون من القاهرة إلى الكرك، وصار الملك المظفر عين لتجريدة فيتكاسل الأمراء عن السفر. فلما رأى الملك المظفر ذلك أرسل إلى الملك الناصر محمد الأمير علاء الدين مغلطاى المسعودى والأمير قطلوبغا وأرسل معهما كتابا إلى الملك الناصر محمد مضمونه إن لم تنته وترجع عن مكاتبك إلى الأمراء وترسل ما عندك من الأموال والخيول والمماليك وإلا جرى عليك كما جرى على أولاد الملك الظاهر بيبرس البندقدارى ونفيهم إلى القسطنطينية ووعده فى الكتاب بكل سوء، فلما وصل الكتاب إلى الملك الناصر بهذا المعنى، اشتد غضبه وقبض على الأميرين اللذين أرسلهما إليه الملك المظفر واعتقلهما بعد أن ضربهما ضربا شديدا، وأرسل كاتب النواب وهم نائب حلب ونائب طرابلس ونائب صفد ونائب حماه وهو يقول لهم "لما اشتد على الضنك والحجر، خرجت من مصر وتركت لهم الملك، وأقمت بالكرك ورضيت بأحقر الأماكن، وأضيق المساكن ليستريح خاطرى فما يترجعوا عنى، وصرح لهم بما فى كتاب المظفر بيبرس من التهديد له، ثم قال للنواب فى مكاتباته، وأنتم تعلمون ما لوالدى عليكم من حق التربية والعتق، وما أظنكم ترضون لى بهذا الحال، فأما أنكم تكفونى عنى هؤلاء المتعصبين على وإلا أنا التجئ إلى بلاد التتار وهو خير لى من أن التجئ إلى بلاد الفرنج.

<<  <   >  >>