طالعا سعيدا لا يخرج البلد عن نسلهم، فما تم لهم ما أرادوا من ذلك وعلموا أن الأتراك لا يزال هذا البلد تحت حكمهم وأنهم لا بد أن يملكوه، وكان الأمر لذلك.
فلما قدم المعز من الغرب أخبروه بهذه الواقعة وكان له خبرة بالنجامة، وكان جوهر القائد سماها" المنصورية "فغير اسمها وسماها القاهرة فهذا كان سببا لتسميتها بالقاهرة. وكانت دار الإمارة للمعز مكان دار الضرب الآن وقد سمى ذلك بين القصرين والله أعلم.
وفى ذلك يقول بعض الشعراء:
لله قاهرة المعز فإنها … بلد تخصص بالمسرة والهنا
أو ما ترى فى كل قطر منيه … من حانيها فهى مجتمع المنيا
وقيل: إن المعز أخبره جماعة من المنجمين أن عليه قطعا شديدا وأشاروا عليه بأن يختفى فى سرب حتى يمضى عنه ذلك القطع، ففعل ذلك، فلما طالت مدته فى السرب ظن جنده أنه رفع إلى السماء، فكان الفارس منهم ينظر الغمام فينزل عن فرسه ويقول" السلام عليك يا أمير المؤمنين".
ثم خرج المعز بعد مدة من السرب، وقيل لما تولى المعز على الديار المصرية كانت عساكره ما بين كتامة وروم وصقالبة وبربر وغيرها من الطوائف وهم فى العدد ما لا يحصون لكثرتهم، حتى قيل تم يطأ الأرض بعد جيوش الإسكندر الرومى بن فيلبس المجدونى أكثر من جيوش المعز.
ولما [تقلد](١) ابنه العزيز نزار أتخذ الديلم والأتراك واختص بهم. ومن الحكايات الغريبة: قيل إن زوجة الأمير أبى بكر بن محمد الإخشيدى لما زالت دولتهم أودعت عند شخص من اليهود بغلطاقا كله مكلل بالجواهر والفصوص الثمينة فلما طالبته به بعد مدة فأنكره. فقالت له: خذ منه ما تختار وأعطنى الباقى، فأبى وامتنع من الإعطاء، فعند ذلك توجهت إلى قصر المعز وأخبرته بما وقع لها منه. فأرسل خلف اليهودى واحضره وسأله عن البغلطاق فأنكره غاية