للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمير أنس باى وغير ذلك من الأمراء ممن نقل عليه أمره، ثم إن السلطان أرسل يقول لهم وللأمراء مع نقيب الجيش السلطانى اكتبوا وصية واخرجوا من مصر إلى أى مكان يختارونه فلم يلتفتوا إلى كلامه وقد تغير خاطر العسكر قاطبة على السلطان بسبب هذه الأفعال القبيحة التى تقع منه فى حق الناس من الظلم والجور وقد خرج عن الحد فى تلك الأيام وزاد من الأذى كما يقال:

بث فى قلوب أسود … لا فى قلوب رجال

فالكبد للناس لا … للبهائم الجهال

ثم إن السلطان لما انقضى أمر المولد وكان المولد فى يوم السبت فنزل السلطان فى يوم الاثنين ثالث عشر ربيع الأول من السنة المذكورة إلى نحو قناطر العسرة وعدى إلى بر الجيزة على سبيل التنزه فلم يتوجه معه أحد من الأمراء حتى خاله المقر السيفى قانصوه فأقام هناك من يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء وهو فى أرغد عيش وأحضر عنده مغانى عرب وخيال ظل وغير ذلك من أنواع اللهو والفتك. فلما كان يوم الأربعاء صلى العصر وركب وقصد التوجه إلى القلعة وكانت ليلة جامكية، فلما مر من على الطالبية خرج عليه جماعة من مماليك أبيه وكانوا قد اكمنوا عليه كمينا على الطريق الذى لا بد له من المرور عليه. فلما مر من عليهم خرجوا عليه وقتلوه هناك.

فلما قتل السلطان كان معه أولاد عمه الأمير قين الرزدكاس وهما جانم وأخوه فقتلا معه وقتل من السلحدارية الذين كانوا مع السلطان اثنان وصار السلطان مرميا على الأرض ومن قتل معه فأدخلوهم فى مسجد هناك وكانت قتلة السلطان الملك الناصر محمد بن الأشرف قايتباى فى يوم الأربعاء بعد العصر وذلك فى خامس عشر ربيع الأول سنة أربع وتسعمائة.

فلما قتل السلطان جاءت الأخبار إلى القاهرة بعد المغرب فماجت المدينة ولبس المماليك آلة الحرب وباتوا تلك الليلة على ذلك.

فلما أصبحوا يوم الخميس توجه العسكر إلى بيت المقر السيفى قانصوه خال السلطان ثم اشتوروا فيمن تولونه السلطنة واستمر العسكر لابسين آلة الحرب فى ذلك اليوم ثم إن الأمير قانصوه خال السلطان أرسل إلى بر الجيزة توابيت فأحضر جثة الملك الناصر وأولاد عمه والسلحدارية الذين قتلوا هناك فى الطالبية فلما حضروا بهم أدخلوا السلطان وأولاد عمه فى البيت الذى أنشأه الملك الأشرف قايتباى بالقرب من حمام

<<  <   >  >>