وفى أثناء سنة سبع وثمانين وثمانمائة: عين السلطان أزبك إلى باينذر نائب قلعة الرها، فلما بلغ ذلك إلى يعقوب بن حسن بك أطلق الأمراء والنواب الذين كانوا عنده، وأرسل يعتذر إلى السلطان أن الذى جرى ليس له به علم ولا خبر وهذا فعل باينذر نائب الرها، ثم بعد مدة أرسل يعقوب بن حسن بك إلى باينذر من قتله فى الدس وأرضى بذلك السلطان وخمدت الفتن بسبب ذلك.
ومن الحوادث المضحكة فى أيامه: أن السلطان نادى فى القاهرة بأن امرأة لا تلبس عصابة مقتزعة ولا عصابة قصيرة وكتب قسايم على الذين يبيعون أوراق النساء بأن تكون الورقة نصف ذراع وهى وجهتان حتى لا تقطعها أصابعها وصار المحتسب يطوف القاهرة والشوارع فإن رأى امرأة بعصابة مقتزعة ضربها وجريها فى القاهرة وعصابتها فى عنقها فعسر ذلك على النسوان، وصرن يخرجن إلى الأسواق وهن مكشفن الرؤوس بلا عصايب واستمر هذا الأمر مدة يسيرة ثم حلوا عن ذلك وبقى أكثر النساء يلبسن الطوال وفى ذلك يقول الأديب زين الدين بن النحاس ﵀:
أمر الإمام مليكا بعصائب … فى لبسها عسر على النسوان
فعلقن ثم اطعنه ولبسنها … ودخلن تحت عصابة السلطان
واستمر الأمر من بعد ذلك مبنيا على السلوك إلى أن دخلت سنة إحدى وتسعون وثمانمائة. فيها: جاءت الأخبار بأن ابن عثمان ملك الروم تحرك على السلطان وأخذ فى أسباب جمع العساكر وقد تواترت الأخبار بذلك فعند ذلك جمع السلطان الأمراء وضربوا مشورة فى أمر ابن عثمان فأشار الأمراء على السلطان بأن يرسل إلى ابن عثمان قاصد وصحبته هدايا، ويأس بينهم وبينه صلح، فعين السلطان جانى بك حبيب أمير أخور ثانى ومعه هدايا وتقادم عظيمة وتوجه إليه الأمير جانى بك حبيب فلما وصل إلى عند ابن عثمان. لم يريه وجها وأخذ منه الهدايا والتقادم على كره، فأقام عنده الأمير جانى بك حبيب مدة ورجع من عنده ولم يقع بينهم وبينه صلح.
فلما أخبر السلطان بذلك عين له تجريدة وعين بها من الأمراء المقدمين وهم الأتابكى أزبك أمير كبير باش العساكر المنصورة والمقر السيفى تمراز الشمسى قريب المقام الشريف أمير سلاح والمقر السيفى قانصوه خمسمائة أمير أخور كبير والمقر السيفى أزبك اليوسفى رأس نوبة النواب والمقر السيفى تانى بك قرا حاجب الحجاب والمقر السيفى