للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به أتابك العساكر عوضا عن نفسه، ثم أخذ فى أسباب تدبير أمور مملكته ونفق على العسكر نفقة كاملة لكل مملوك ثلاثمائة دينار، وساس الناس فى مدة سلطنته أحسن سياسة وقمع مماليك أبيه الأجلاب عن أفعالهم القبيحة التى كانوا فعلوها مع الناس من الأذى، ففرح الناس به وكثر الدعاء له، وكان ناظرا إلى مصالح الرعية وكان كفئا للسلطنة وافر العقل كامل الهيئة، مهاب الشكل مستدير اللحية أسود الشعر طويل القامة جسيم القدر أبيض اللون، مليح الشكل ولكن لم تساعده الأقدار ولم تتم أمره فى السلطنة وتعصب عليه مماليك أبيه ووثبوا عليه وخلعوه من السلطنة وولوا الظاهر خشقدم فكان كما قيل فى المعنى.

إلى أيما تسعى من بعض بلعمة … فأين للهيفى الذى قد غص بالماء

أنى وجدت السم عند احبنى … فهل عند اعداى أصيب دوا

فوثب عليه مماليك أبيه فى شهر رمضان وحاربوه ثلاثة أيام فانكسر الملك المؤيد وتسلطن خشقدم، فقبض على الملك المؤيد وحبسه فى البحرة فأقام أياما ثم قيده، وأرسله إلى السجن بثغر الإسكندرية هو وأخوه المقر الناصر محمد، ونزل من الصليبة على ابتداء والاجهار واوجاقى يحجز إلى جانبه حتى وصل إلى البحر، وكان المستقر عليه الأمير خاير بك المصارع، فلما وصل إلى الإسكندرية سجن بها وأقام بها مدة فمات أخوه سيدى محمد هناك ونقل إلى القاهرة بعد موته ودفن على أبيه الأشرف وكان له من العمر نحو خمسة عشرة سنة، وأقام الملك المؤيد فى السجن بالإسكندرية إلى دولة الملك الظاهر تمربغا، فأخرجه من السجن ورسم أن يسكن فى أى مكان شاء من دور الإسكندرية، فبنى له هناك قاعة وسكن بها إلى دولة الملك الأشرف قايتباى. وكانت دولة الملك المؤيد أحمد ابن الأشرف أينال بالديار المصرية أربعة أشهر وثلاثة أيام. ولما كانت دولة الملك الأشرف قايتباى عظم أمر الملك المؤيد وصار له كلمة نافذة وزوج ابنته بالأمير يشبك من مهدى الدوادار الكبير، فأقام على ذلك مدة. ثم إن والدته خوند زينب بنت خاص بك مرضت مرضا شديدا فجاء إليها الأمير يشبك الدوادار يسلم عليها، فقالت له قصدى انظر إلى ولدى المؤيد قبل أن أموت. فلما طلع الأمير يشبك إلى السلطان قايتباى سأله فى حضور الملك المؤيد ليرى والدته قبل أن تموت، فرسم بإحضاره إلى القاهرة فحضر وطلع إلى القلعة فأخلع عليه السلطان خلعة عظيمة أركبه فرسا بسرج ذهب وكنبوش ونزل إلى بيته فأقام بالقاهرة نحو أربعين يوما حتى ماتت والدته ودفنها وغفل عليها، ثم رجع إلى الإسكندرية وأقام بها

<<  <   >  >>