جقمق فقويت شوكته، فوثب على الملك العزيز يوسف فانكسرت الأشرفية وانتصر عليهم جقمق بعد أمور يطول شرحها إلى أن خلع الملك العزيز وتسلطن جقمق وكان خلعه فى يوم الأربعاء تاسع عشر ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فكانت مدة سلطنة الملك العزيز يوسف بالديار المصرية ثلاثة أشهر وستة أيام ليس فيها إلا مجرد الاسم فقط لأجل كتب العلامة. ولما خلع الملك العزيز من السلطنة استمر مقيما بالقلعة وسكن فى قاعة البربرية من داخل دور الحرم، وكان قصد الظاهر أن يزوجه ويصير مقيما فى القلعة ولا يرسله إلى الإسكندرية، فلعب بعض الأشرفية بعقل الملك العزيز وحسن بباله أن تنسحب من القلعة فانسحب من القلعة ونزل وقت المغرب فى هيئة طى الطباخ وعليه ثيابه رثة.
فلما نزل من القلعة أصبح الناس فى شعلة نار وصار الوالى يكبس البيوت والحارات، وحصل للناس بسبب ذلك الضرر الشامل واستمر الأمر على ذلك نحو شهر، ثم إن العزيز جاء فى الليل إلى بعض الأمراء فقبض عليه وطلع به إلى القلعة فسكن ولو صبر الملك العزيز لكان خيرا له وكم من عجلة اعقدت ندامة كما قيل:
قد يدرك المتأنى بعض حاجته … وقد يكون مع المستعجل الزلل
فلما طلع العزيز إلى القلعة أشار الأمراء على السلطان فأرسله إلى الإسكندرية فأرسله إلى السجن بثغر الإسكندرية، فأقام بها إلى دولة الملك الأشرف إينال فرسم باطلاقه من السجن وأن يسكن فى بعض دور الإسكندرية، ورسم له بالركوب إلى الجامع وغيره. واستمر فى الإسكندرية إلى أن مات فى دولة الملك الظاهر خشقدم هو وأخوه الصغير الذى كان مقيما عند الأمير قرقماش بالقاهرة، انتهت أخبار الملك العزيز يوسف بن الأشرف برسباى على سبيل الاختصار.