قال الشيخ شهاب الدين بن حجر فى تاريخه: فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة فى دولة الملك المؤيد الشيخ ولدت بمدينة بلبيس جاموسة مولودا له رأسان وأربع أيد وسلسلتا ظهر ودبر واحد ورجلان اثنتان لا غير وفرج واحد وذنب مفروق باثنين، فجاءت إلى القاهرة وشوهدت وعاشت أياما ثم ماتت، فكانت من بديع صنع الله تعالى.
ومن العجائب ما ذكره أيضا فى سنة خمس وعشرين وثمانمائة: ولدت المصونة فاطمة بنت الشيخ جلال الدين البلقينى ولدا له ذكر وفرج وله يدان زائدتان فى كتفه وفى رأسه قرنان كقرنى الثور فأقام ساعة ومات، وهذا أيضا من العجايب.
ومن العجائب ما ذكره أيضا: أن فى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ذبح بمدينة غزة جمل فأضاء لحمه كما يضئ الشمع فى الليل وقيل رمى من لحمه لكلب قطعة فلم يأكلها، وهذا من العجائب أيضا.
ومن هنا نرجع إلى أخبار المؤيد شيخ فإنه أقام فى المملكة إلى أن قوى عليه ألم المفاصل، وصار مقعدا فكان يحمل على الأكتاف وينقلونه إلى الأماكن فى محفة، ثم إنه قوى عليه الألم وسلسل فى المرض ولزم الوسادة مدة طويلة حتى مات فى يوم الاثنين تاسع المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة ودفن فى جامعه الذى أنشأه داخل باب زويلة، ومات وله من العمر نحو إحدى وستين سنة، وخلف من الأولاد ثلاثة وهو المظفر أحمد الذى تسلطن بعده، وبنتين إحداهما زوجة الأتابكى قرقماش الشعبانى والأخرى زوجة الأمير يشبك الفقيه الدوادار وهى أم ولده سيدى يحيى، فكانت مدة سلطنة الملك المؤيد شيخ بالديار المصرية ثمانى سنين وخمسة أشهر وثمانية أيام. وكان ملكا جليلا مهابا عارفا بأمور المملكة ثابت العقل مقداما، وله فى الحرب محايد وخيل وبيات عظيم، وكان كريما على من يستحق الكرم، بخيلا على من يستحق البخل، وكان يضع الشئ فى محله، وكانت دولته ثابتة القواعد، وهو الذى انشأ القاضى عبد الباسط بن القرشى خليل والقاضى علم الدين الشهير بابن الكويز ناصر الدين بن البارزى والقاضى ابن مزهر الكبير والد القاضى كاتب السر الزينى أبو بكر، وأنشأ التاج الذى كان والى القاهرة وأنشأ جماعة كبيرة حضروا صحبته من البلاد الشامية إلى الديار المصرية فرمهم وأعطاهم الوظائف السنية حتى صاروا من أعيان أكابر الدولة بالديار المصرية، وكان الملك المؤيد ناظرا إلى فعل الخير كثير البر والمعروف، و- له أوقاف كثيرة على جهات بر وصدقة، وله آثار كثيرة بالديار المصرية منها