ثم مسك الأمير تمربغا المشطوب والأمير سودون من زاده وجماعة من الأمراء والمماليك السلطانية. وأما جكم ونوروز وقانباى وقرقماش الإينالى لما انكسروا وهربوا وعدوا إلى بر الجيزة، فرجع السلطان إلى القلعة وهو مؤيد منصور وقدامه الأمراء الذين أسرهم وهم فى قيود، ورجع فى موكب عظيم والخليفة والقضاة الأربعة قدامه، هذا ما كان من أمر الناصر فرج.
وأما ما كان من أمر جكم ونوروز ومن بقى معهم من الأمراء والمماليك فإنهم لما انكسروا هربوا وتوجهوا إلى نحو ابناية فأقاموا هناك يومين ثم رجعوا إلى الجيزة فأخذوا منها خيل الدشار وهجن كانت هناك. فأقاموا فى الجيزة ثلاثة أيام، فأرسل إليهم السلطان الأمان، وأن الأمير نوروز الحافظى يكون نائب الشام، فعند ذلك حضر الأمير نوروز الحافظى إلى بيت الأتابكى بيبرس ويقرر الحال على أنه يطلع إلى القلعة ويلبس خلعة ويستقر نائب الشام. فلما طلع إلى القلعة مسك وقيد وأرسل إلى البحر بثغر الإسكندرية. وأما الأمير جكم العوصى وسودون من زاده وتمربغا المشطوب وقانباى وبقية الأمراء الذين خامروا وأخرجوا إلى بركة الحبش، فصاروا يمسكون واحدا بعد واحد ويرسلونهم إلى السجن بثغر الإسكندرية، قيل ولو صبر الأمير نوروز ليلة واحدة فإن جماعة من المماليك السلطانية اتفقوا فى تلك الليلة بأن يتوجهوا إلى عند الأمراء الذين كانوا فى الجيزة وكان المماليك الذين اتفقوا نحو ألف مملوك من المماليك السلطانية، وكان طلوع الأمير نوروز وهو خاضع من جملة سعد الملك الناصر فرج، فلما مسكوا الأمراء وسجنوا خمدت الفتنة.
ثم إن السلطان رسم بالإفراج عن الأمير يشبك الشعبانى والأمير إقباى الإينالى وجماعة من الأمراء الذين كانوا فى السجن بثغر الإسكندرية قبل ذلك وقد تقدم سبب سجنهم. فلما حضروا أخلع عليهم واستقروا كما كانوا.
وفى يوم الاثنين تاسع عشر شوال من السنة المذكورة: جاءت الأخبار من عند ابن عثمان بأن تمرلنك قد مات ولذلك أرسل الغاز أحمد بن أويس يخبر بذلك وأن الحمرة التى طلعت فيه مازالت ترعى فى جسده حتى هلك. وقيل لما دفن كان يسمع له عوى فى قبره مثل عوى الكلاب، وذكر بعض السواحين أنه شاهد الدخان يطلع من قبره كما قيل: