فلما خرجوا بابن الطبلاوى إلى عند باب الردخانات كان معه "كزلك" صغير فأخرجه وضرب به نفسه ليموت فمسكوه وأخذوا منه الكزلك وعرضوه على السلطان فتحقق منه السلطان أنه كان يطلب القرب من السلطان ليضربه بذلك "الكزلك" فتزايد عليه الحنق من السلطان، وكان ابن الطبلاوى ليس له الأذل عظيم بالسلطان فى أول الأمر، فظن أن ذلك الإذلال باق كما قيل فى المعنى.
أياك أن نفرط فى حق من … يعرف بالجود فقد تخنق
ولا تقل ذا حلمه واسع … فالماء إن سخنته يحرق
فعند ذلك رسم السلطان بتسليمه إلى يلبغا الأحمدى فبات يعاقبه وعصره وسقطه بالجير والملح وقرره على الأموال، فكان كما قيل.
جرع كأسا كان يسقى بها … والمرء مجزى بأعماله
فأظهر فى تلك الليلة مائة ألف دينار، ثم أظهر فى ثانى ليلة خمسين ألف دينار ثم زادوا فى عقوبته فأخرج من رواقه الكبير الذى عمره وهو جندى أربع برانى وجرة فيها عشرون ألف دينار، ثم أحاطوا على موجوده فقوم ذلك بثمانين ألف دينار، ثم أقاربه وابن عمه ونسائه وجميع حاشيته واستصفوا أموالهم (الذى خبث لا يخرج إلا نكدا).
وفيها: فى يوم السبت ثانى عشر ذى القعدة: عمل السلطان المهم عظيم فى الميدان الذى تحت القلعة، وسبب ذلك أن السلطان لعب بالأكره مع الأتابكى أيتمش البجاسى فغلبه السلطان، فقصد أيتمش أن يعمل وليمة للسلطان فمنعه السلطان من ذلك، ورسم السلطان أن يعمل الوليمة من ماله فتكفل بذلك الوزير والأستادار، فرسم السلطان أن يضرب صواوين صغار ومدورة كبيرة فى الميدان الذى تحت القلعة وكان الذى عمل فى ذلك المهم وهو من اللحم عشرون ألف رطل ومن الأوز مائتا زوج ومن الدجاج ألف طير ومن الخيل عشرون فرسا برسم الذبح، ومن السكر ثلاثون قنطارا، ومن الزبيب ثلاثون قنطارا برسم. والشش وستين أردب دقيق ترسم البوزة، وهذا الأمر لم يعهد من ملك قبله ثم نزل السلطان إلى الميدان وقت السحر فأشار على السلطان بعض أخصائه بأن يمد السماط ويطلع إلى القلعة وكان عزم السلطان بأن يقيم فى الميدان إلى آخر النهار ويحضر جماعة من أرباب الملاهى والملاعيب. فلما أشار عليه بعض أخصائه بالطلوع إلى القلعة فمد السماط للأمراء، ثم ركب وطلع إلى القلعة قبل طلوع الشمس وأخلع على الأمراء وأرباب