فلما دهمته العساكر وركب ومن بقى معه من عسكره وخرج من أحد أبواب بغداد فلما خرج من بغداد فتح أهل المدينة بقية الأبواب فدخل إليها عسكر تمرلنك وملكوا البلد. فلما سمع السلطان أحمد بن أويس بذلك فما أمكنه إلا الهروب، فهرب تحت الليل وعدى من على الجسر ومن معه من العسكر، ثم قطع الجسر فلما طلع النهار تبعه جماعة من عسكر تمرلنك فوجدوا الجسر مقطوعا فنزلوا فى الماء عن ما يحقوهم وتبعوا السلطان أحمد بن أويس فلم يحصلوه إلى مسيرة ثلاثة أيام، فلما يأسوا منه رجعوا إلى بغداد وملكوها.
فلما سمع الملك الظاهر برقوق هذه الأخبار طلب سائر الأمراء وضربوا المشورة فى هذا الأمر، فأشار الأمراء على السلطان بأن يرسل إلى السلطان أحمد بن أويس يحضر إلى القاهرة حتى يقع الاتفاق على ما يكون فيه المصلحة فى ذلك، فعين السلطان برقوق الأمير أزدمر الشرفى بأن يتوجه لإحضار السلطان أحمد بن أويس وأرسل صحبته عشرة آلاف دينار لينفقها على السلطان أحمد حتى يصل إلى القاهرة، فسافر الأمير أزدمر الشرفى بعد مضى يومين من ذلك، ثم بعد مدة يسيرة حضر قاصد ملك الروم وهو أبو يزيد بن مراد بك بن عثمان ومعه تقادم للسلطان هدايا عظيمة، وأرسل يعرف السلطان بأمر تمرلنك، وأن يكون هو والسلطان عونا على هذا الأمر، وأرسل يطلب من السلطان طبيبا حاذقا وأدوية توافق مرضه، فإنه ذكر أن به ضربين مفاصل، فعين له السلطان الريس شمس الدين بن صغير وأرسل صحبته جملين أدوية توافق ذلك المرض وأرسل له هدايا عظيمة صحبة قاصده وسافر معه الريس شمس الدين بن صغير.
ثم جاءت من بعد ذلك الأخبار بأن تمرلنك وصل إلى مدينة البصرة، وأن صاحب البصرة جمع خلقا كثيرة من العربان وغيرهم، واتقع مع تمرلنك وقعة عظيمة فقتل فيها محمود خان استاذ تمرلنك، وأسروا ولد تمرلنك فى الوقعة، فأرسل تمرلنك يقول لصاحب البصرة أرسل أطلق ابن القان أحمد بن أويس صاحب بغداد وأنا أطلق ولدك.
فلما سمع تمرلنك ذلك أرسل عسكرا عظيما إلى البصرة بعد أن رحل عنها وحاصرها أشد الحصار فانكسرت عساكر البصرة كسرة قوية، فلما بلغ السلطان برقوق هذه الأخبار رسم للأمير علاء الدين بن الطبلاوى والى القاهرة بإجهاز النداء بأن جميع العساكر المنصورة متجهزون لقتال العدو الباغى تمرلنك، ثم صار يكرر النداء بذلك ثلاثة أيام.