للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حذره من ذاك وألبس مماليكه وخرج عن الخيام وأخلاها وأكمن له بالقرب من الخيام فكبس السلطان عليه فى أوائل الليل فلم يجد فى الخيام أحدا فعند ذلك رد عليهم بيبغا ومن معه فاتقع مع السلطان فانكسر الناصر حسن وهرب تحت الليل وطلع إلى القلعة ومعه بعض مماليك من مماليكه فكان كما قيل فى الأمثال.

واقنع إذا حاربت بالسلامة … واحذر فعالا توجب الندامة

فلما طلع إلى القلعة تبعه الأمير بيبغا ومن معه، وعدى فى الليل فلاقاه ابن المحسنى أحدى الأمراء المقدمين ومعه الأمير قشتمر المنصورى فاتفقا مع بيبغا وكسروه مرتين وكل ذلك قبل أن يمضى من الليل الثلث، فأرسل بيبغا إلى ابن المحسنى وهو يقول له: اخلى من طريقى وأنا أرضيك بكل خير. فلما بان لابن المحسنى زوال دولة الناصر حسن أخلى من طريق بيبغا، فطلع بيبغا إلى الرملة وكان السلطان حسن قد ألبس مماليكه ولم يجد لهم خيولا يركبونها لأن الخيل كانت فى الربيع فضاق الأمر عليه فلما طلع عليه النهار وبيبغا محاصره علم أنه مكسور لا محالة فلبس لبس العرب هو والأمير أيدمر الدوادار ونزلا من القلعة وقصدا التوجه إلى نحو البلاد الشامية فلقيهما بعض المماليك السلطانية فقبضوا عليهما وأحضروهما إلى بيت الأمير موسى الحاجب فأرسل ليعلم الأمير بيبغا بذلك فأرسل بيبغا وأحضروهما إلى عنده. فأما الأمير أيدمر فسجن وأما السلطان حسن فكان آخر العهد به قيل إن بيبغا خنقه وغرقوه فى البحر تحت الليل ولم يعرف له خبر ولا يعلم له قبر ولم يدفن فى مدرسته وكان قتله فى شهر جمادى الأول سنة اثنتين وستين وسبعمائة ومات وله من العمر سبعة وعشرون سنة.

وكان السلطان حسن أشقر اللون عربى الوجه وفى وجهه بعض نمش. وكان ملكا شجاعا مقداما مهابا نافذ الكلمة وكان محبا لجمع المال ولكنه كان يميل إلى اللهو والطرب مولعا بحب النساء الحسان وشرب الراح مستغرق فى اللذات كما قيل فى الأمثال:

لا تغترر بالحفظ والسلامة … فإنما الحياة كالمدامة

والعمر مثل الكأس والدهر القدر … والصفو لابد له من الكدر

فكانت مدة سلطنة الناصر حسن فى المدة الأولى ثلاث سنين وتسعة أشهر، والسلطنة الثانية ست سنين وسبعة أشهر وأياما، فكانت جملة سلطنته أولا وثانيا عشر سنين ونصف السنة. ولما مات خلف من الأولاد عشرة ذكور هم: أحمد وعلى وقاسم وإسكندر وموسى

<<  <   >  >>