ومن عجب الليالى فيك أن لا … يموت أبوك يا أنوك بعدك
وفيها: قبض السلطان على المقر السيفى تنكز الحسامى نائب الشام، وكان أصله من مماليك الملك المنصور لاجين وقد أقام فى نيابة الشام ثمانية وعشرين سنة. وكان دينا خيرا عفيف اليد والفرج، وله بر ومعروف وآثار كثيرة بالشام وبمصر، وكانت الملوك تهابه وتعظمه وكان السلطان الملك الناصر لا يفعل شيئا حتى يرسل تشاور فيه تنكز، وكان رأيه شديدا لكنه كان صعب الخلق إذا غضب على أحد لم يرض عليه أبدا فوقع بينه وبين السلطان فى أمر طارئ، فأرسل إليه السلطان الأمير طاجار، الدوادار الكبير، فلما وصل إلى دمشق فقال للأمير تنكز: السلطان يسلم عليك ويقول لك احضر إلى القاهرة أنت وولدك حتى يزوجه السلطان بابنته. فتخيل تنكز من ذلك، فقال لطاجار: امض أنت وأنا آتى بعدك فى أوائل الشهر. فلما حضر طاجار إلى عند السلطان: أوحى له عن تنكز ما بغير خاطره عليه بالكلية. وكان بين طاجار الدوادار وبين تنكز حظ نفس فما أبقى ممكن فى حق تنكز، ولو أن تنكز حضر صحبة طاجار لكان خيرا له، فعند ذلك عين السلطان الأمير بشتاك ومعه خمسمائة مملوك وأرسل إلى طشتمر حمص احضر نائب صفد يلاقيه من هناك، فلما وصلوا إلى دمشق قبضوا على تنكز وذلك فى ثالث ذى الحجة من سنة أربعين وسبعمائة، ولما مسك تنكز أحاطوا على موجوده فالذى وصل صحبة الأمير بشتاك من الذهب الفين ثلاثمائة ألف دينار وستين ألف دينار، ومن الفضة النقرة ألف ألف درهم. ومن الحوايص الذهب والطرز الذهب فأشياء كثيرة ومن الكنابيش الزركش أشياء كثيرة ووجد عنده البلخش والياقوت واللؤلؤ الكبار صندوقين كبار، ومن البرك والقماش ثمانمائة جمل، وذلك غيرها وجد له من المماليك والخدام والعبيد والجوارى. ووجد له فى عزه حاصل فيه أربعين ألف دينار وألف ألف ومائة درهم، وبذلك خارجا عن الأملاك والضياع. فلما وصل المقر السيفى تنكز إلى القاهرة فأرسله السلطان إلى السجن بثغر الإسكندرية فأقام فى السجن مدة شهر، ثم إن السلطان أرسل مقدم الدولة إبراهيم بن صابر فخنقه فى السجن ودفن هناك، فكان كما يقال "ثلاثة لا يؤمن إليهم: المال إن كثر، والملوك إن قربوا، والمرأة وإن طالت صحبتها" وكان تنكز أسمر اللون خفيف اللحية، طويل القامة حسن الشكل. ولم يسمع بأن نائبا أقام فى ولاية واحدة مثله. ولما مات