للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدبابيس حتى هزموا الفرنج بإذن الله تعالى، فبلغت عدة من قتل من الفرنج فى هذه الوقعة ما يزيد على عشرين ألف إنسان، وكانت هذه الواقعة فى فارسكور وغنم منهم المسلمون فى هذه الوقعة شيئا كثيرا من الأموال والسلاح والقماش والخيول وأسروا ملك الفرنج المسمى فرنسيس وأسروا أقاربه، فجلس ملك الفرنج فى دار لشخص يسمى ابن لقمان فى ثغر الإسكندرية ووكلوا بملك الفرنج وأقاربه طواشى يسمى صبيح الغطمى، فصار يضرب ملك الفرنج وأقاربه فى كل يوم ألف عصاه حتى أذاقهم العذاب الأليم.

ثم إن ملك الفرنج اشترى نفسه من السلطان توران شاه بمال جزيل، ثم أفرجوا عنه وعن أقاربه وحلفوه أنه لا يعود بعد ذلك إلى بلاد المسلمين ولا يخون اليمين، ورجع ملك الفرنج إلى بلاده، فلما قتل توران شاه وتولى أيبك التركمانى كما سيأتى ذكره فى موضعه، فعند ذلك تحرك ملك الفرنج فرنسيس على الديار المصرية ثانى مرة وقد خان اليمين فكتب إليه الصاحب جمال الدين بن مطروح (١) هذه القصيدة، ومن أبياتها:

قل للفرنسيس إذا جئته … مقال نصح من فؤول فصيح

دار ابن لقمان على حالها … والقيد باق والطواشى صبيح

فلما قرأ فرنسيس ملك الفرنج هذه الأبيات يذكر ما جرى عليه من الطواشى صبيح الغطمى وما قاساه منه، فرجع إلى بلاده من حيث جاء ولم يقاتل أهل مصر بعد ذلك، هذا ما كان من أمر ملك الفرنج فرنسيس. وأما ما كان من أمر الملك المعظم توران شاه بعد أن تسلطن فأنه لما حصلت له هذه النصرة العظيمة على الفرنج رحل من المنصورة ونزل على فارسكور فعمل له هناك برجا خشبيا على فم


(١) هو يحيى بن عيسى بن إبراهيم جمال الدين ابن مطروح، شاعر أديب مصرى، ولد بأسيوط سنة ٥٩٢ هـ/ ١١٩٦ م وتوفى بالقاهرة سنة ٦٤٩/ ١٢٥١ م خدم الملك الصالح أيوب وتنقل معه فى البلاد فأقامه الصالح ناظرا على الخزانة بمصر سنة ٦٣٩ هـ ثم نقله إلى دمشق، واستمر فى الأعمال السلطانية إلى أن مات الملك الصالح، فعاد إلى مصر وأعرض عنه خلفاء الصالح فأقام محمولا كما يقول سبط ابن الجوزى إلى أن مات، له ديوان شعر.
انظر المزيد فى: وفيات الأعيان ٢/ ٢٥٧، شذرات الذهب ٥/ ٢٤٧، النجوم الزاهرة ٧/ ٢٧، مرآة الزمان ٨/ ٧٨٨، ذيل الروضتين ١٨٧، حسن المحاضرة ٢/ ٣٢٧، ذيل مرآة الزمان ١/ ١٩٧.

<<  <   >  >>