الْحَاجِبَيْنِ نِصْفَ الدِّيَةِ، قَالُوا: لأَِنَّ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ إِتْلاَفًا لِلْجَمَال عَلَى الْكَمَال وَإِتْلاَفًا لِلْمَنْفَعَةِ أَيْضًا؛ لأَِنَّ الْحَاجِبَ يَرُدُّ الْعَرَقَ عَنِ الْعَيْنِ وَيُفَرِّقُهُ.
وَلاَ فَرْقَ عِنْدَهُمْ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ كَوْنِ الْحَاجِبِ كَثِيفًا أَوْ خَفِيفًا، جَمِيلاً أَوْ قَبِيحًا، أَوْ كَوْنِهِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ؛ لأَِنَّ سَائِرَ مَا فِيهِ الدِّيَةُ مِنَ الأَْعْضَاءِ لاَ يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَال بِذَلِكَ. وَقَالُوا: إِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْحَاجِبَيْنِ بِذَهَابِهِمَا عَلَى وَجْهٍ لاَ يُرْجَى عَوْدُهُمَا بِإِتْلاَفِ مَنْبَتِ الشَّعْرِ، فَإِنْ رُجِيَ عَوْدُهُمَا فِي مُدَّةٍ انْتَظَرَ إِلَيْهَا، فَإِنْ عَادَ الشَّعْرُ قَبْل أَخْذِ الدِّيَةِ لَمْ تَجِبْ، وَإِنْ عَادَ بَعْدَ أَخْذِهَا رُدَّتْ.
وَلاَ قِصَاصَ عِنْدَهُمْ فِي شَعْرِ الْحَاجِبِ؛ لأَِنَّ إِتْلاَفَهُ يَكُونُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَحَلِّهِ - مَنْبَتِهِ - وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ فَلاَ تُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ، فَلاَ يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى شَعْرِ الْحَاجِبِ إِنْ لَمْ يَنْبُتْ حُكُومَةً، وَأَنَّ الشُّعُورَ لاَ قَوَدَ فِيهَا قَطْعًا، وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا شَأْنُهُ الزِّينَةُ مِنْهَا، فَإِنْ نَبَتَ الشَّعْرُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلاَ شَيْءَ فِيهِ إِلاَّ الأَْدَبُ فِي الْعَمْدِ. (١)
خَامِسًا: اتِّخَاذُ الْقَاضِي أَوْ الأَْمِيرِ حَاجِبًا:
٩ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلأَْمِيرِ
(١) فتح القدير ٨ / ٣٠٩، والمغني ٨ / ١٠ - ١١، والمدونة ٦ / ٣١٦، والزرقاني ٨ / ٤١، وقليوبي ٤ / ١٤٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute