وَقَدْ يَكُونُ الطَّرِيقُ الْمُحَصِّل لِلْغَايَةِ تَرْتِيبَ جَزَاءٍ مَحْبُوبٍ لِلْمُخَاطِبِ عَلَى فِعْل أَمْرٍ مَحْبُوبٍ لِلْمُتَكَلِّمِ، كَمَا لَوْ قَال إِنْسَانٌ لِعَبْدِهِ: إِنْ بَشَّرْتَنِي (١) فَأَنْتَ حُرٌّ، فَهَذَا الْجَزَاءُ مَحْبُوبٌ لِلْمُخَاطَبِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَخَلُّصًا مِنَ الرِّقِّ، وَإِنْ كَانَ شَاقًّا عَلَى الْمُتَكَلِّمِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إِزَالَةً لِلْمِلْكِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَسْتَسْهِلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُكَافَأَةٍ عَلَى فِعْل مَا يُحِبُّهُ وَشُكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَل عَلَى ذَلِكَ.
وَالْجَزَاءُ الْمَحْبُوبُ لاَ يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ ظِهَارًا وَلاَ كُفْرًا، فَهُوَ مُنْحَصِرٌ فِي الْعِتْقِ وَالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ وَالطَّلاَقِ وَالْحَرَامِ، كَتَطْلِيقِ ضَرَّةِ الْمُخَاطَبَةِ وَتَحْرِيمِهَا.
وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ.
التَّعْلِيقُ بِصُورَةِ الْقَسَمِ:
٨ - قَدْ يَعْدِل الْحَالِفُ عَنْ أَدَاءِ الشَّرْطِ وَالْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ، وَيَأْتِي بِالْجَزَاءِ بِدُونِ الْفَاءِ، وَيَذْكُرُ بَعْدَهُ جُمْلَةً شَبِيهَةً بِجَوَابِ الْقَسَمِ، فَيَقُول: هُوَ يَهُودِيٌّ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لاَ يَفْعَل كَذَا، أَوِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ لاَ يَفْعَل كَذَا، أَوْ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا، فَالْجُمْلَةُ الَّتِي بُدِئَ الْكَلاَمُ بِهَا جَزَاءٌ لِشَرْطٍ مَحْذُوفٍ، تَدُل عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ.
الْجَوَابُ الإِْنْشَائِيُّ يَتَضَمَّنُ الْخَبَرَ:
٩ - الْقَسَمُ حِينَمَا يَكُونُ إِنْشَائِيًّا لِلْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ، فَالْحَلِفُ عَلَيْهِ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَلِفًا عَلَى الإِْنْشَاءِ الْمَحْضِ، فَإِنَّ هَذَا الإِْنْشَاءَ يَحْصُل مَعْنَاهُ بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِهِ، فَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى حَلِفٍ. فَإِنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ
(١) البشارة: الإخبار بنبأ سار لم يعلم به المتكلم من قبل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute