فِيهَا. وَالْقَضَاءُ مَوْضُوعٌ لِلْمُنَاصَفَةِ فَهُوَ بِالأَْنَاةِ وَالْوَقَارِ أَخَصُّ (١) .
ثَانِيًا: الْمَظَالِمُ
٣ - وِلاَيَةُ الْمَظَالِمِ قَوْدُ الْمُتَظَالِمِينَ إِِلَى التَّنَاصُفِ بِالرَّهْبَةِ، وَزَجْرُ الْمُتَنَازِعِينَ عَنِ التَّجَاحُدِ بِالْهَيْبَةِ. وَقَدْ بَيَّنَ الْمَاوَرْدِيُّ الصِّلَةَ بَيْنَ الْحِسْبَةِ وَبَيْنَ الْمَظَالِمِ فَقَال: بَيْنَهُمَا شَبَهٌ مُؤْتَلِفٌ وَفَرْقٌ مُخْتَلِفٌ، فَأَمَّا الشَّبَهُ الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
فَأَحَدُهُمَا: أَنَّ مَوْضُوعَهُمَا عَلَى الرَّهْبَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِقُوَّةِ السَّلْطَنَةِ.
وَالثَّانِي: جَوَازُ التَّعَرُّضِ فِيهِمَا لأَِسْبَابِ الْمَصَالِحِ، وَالتَّطَلُّعِ إِِلَى إِنْكَارِ الْعُدْوَانِ الظَّاهِرِ.
وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّظَرَ فِي الْمَظَالِمِ مَوْضُوعٌ لِمَا عَجَزَ عَنْهُ الْقُضَاةُ، وَالنَّظَرَ فِي الْحِسْبَةِ مَوْضُوعٌ لِمَا رَفُهَ عَنْهُ الْقُضَاةُ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ رُتْبَةُ الْمَظَالِمِ أَعْلَى وَرُتْبَةُ الْحِسْبَةِ أَخْفَضُ، وَجَازَ لِوَالِي الْمَظَالِمِ أَنْ يُوقِعَ إِِلَى الْقُضَاةِ وَالْمُحْتَسِبِ، وَلَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي أَنْ يُوقِعَ إِِلَى وَالِي الْمَظَالِمِ، وَجَازَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ إِِلَى الْمُحْتَسِبِ، وَلَمْ يَجُزْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُوقِعَ إِِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
(١) الأحكام السلطانية للماوردي ص ٢٤١، ٢٤٢، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ٢٨٥، ٢٨٦، وتحفة الناظر وغنية الذاكر ص ١٧٨، ١٧٩، وتبصرة الحكام لابن فرحون ١ / ١٩، والمعيار ١٠ / ١٠١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute