إِعَارَةُ النُّقُودِ:
٤٢ - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ جَوَازَ إِعَارَةِ النُّقُودِ.
ثُمَّ قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: عَارِيَةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ قَرْضٌ تَغْلِيبًا لِلْمَعْنَى عَلَى اللَّفْظِ، وَهَذَا إِذَا أُطْلِقَ الْعَارِيَةُ، فَأَمَّا إِذَا بَيَّنَ الْجِهَةَ الَّتِي تُسْتَعْمَل فِيهَا، كَمَا إِذَا اسْتَعَارَهَا لِيُعَايِرَ بِهَا مِيزَانَهُ أَوْ يُجَمِّل بِهَا دُكَّانَهُ أَوْ لِتَجَمُّل أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ تَنْقَلِبُ بِهِ أَعْيَانُهَا، لاَ يَكُونُ قَرْضًا، بَل يَكُونُ عَارِيَةً تُمْلَكُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ الْمُسَمَّاةُ دُونَ غَيْرِهَا، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِهَا عَلَى وَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ مَا سَمَّاهُ لَهُ.
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ إِعَارَةَ النُّقُودِ قَرْضٌ لاَ عَارِيَةٌ وَإِنْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْعَارِيَةِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعَارِيَةِ الاِنْتِفَاعُ بِهَا مَعَ رَدِّ عَيْنِهَا لِرَبِّهَا، وَالنُّقُودُ إِنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهَا مَعَ ذَهَابِ عَيْنِهَا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَجُوزُ إِعَارَةُ النَّقْدِ لَوْ صَرَّحَ بِإِعَارَتِهِ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ أَوِ الطَّبْعِ عَلَى طَبْعِهِ، وَلَوْ نَوَى ذَلِكَ كَفَى. أَمَّا فِي حَال الإِْطْلاَقِ فَلاَ تَصِحُّ الْعَارِيَةُ عِنْدَهُمْ؛ لأَِنَّ مُعْظَمَ الْقَصْدِ مِنَ النَّقْدِ الإِْنْفَاقُ (١) .
(١) الفتاوى الهندية ٤ / ٣٦٣، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٣ / ٤٣٥، ونهاية المحتاج ٥ / ١٢١، وشرح المنهاج مع حاشية القليوبي ٣ / ٦٩، ١٨، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٣٩٢، والمغني ٥ / ٣٠٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute