وَقَال الْحَنَابِلَةُ: النَّاشِزُ لاَ نَفَقَةَ لَهَا وَلاَ سُكْنَى؛ لأَِنَّ النَّفَقَةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ تَمْكِينِهَا، بِدَلِيل أَنَّهَا لاَ تَجِبُ قَبْل تَسْلِيمِهَا إِلَى الزَّوْجِ، فَإِذَا مَنَعَهَا النَّفَقَةَ كَانَ لَهَا مَنْعُهُ مِنَ التَّمْكِينِ، فَإِذَا مَنَعَتْهُ التَّمْكِينَ كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنَ النَّفَقَةِ كَمَا قَبْل الدُّخُول، وَإِذَا كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ لأَِنَّهَا وَاجِبَةٌ لَهُ فَلاَ يَسْقُطُ حَقُّهُ بِمَعْصِيَتِهَا، وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَهَا إِيَّاهَا إِذَا كَانَتْ هِيَ الْحَاضِنَةَ لَهُ أَوِ الْمُرْضِعَةَ لَهُ، وَكَذَلِكَ أَجْرُ إِرْضَاعِهَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إِلَيْهَا، لأَِنَّهُ أَجْرٌ مَلَكَتْهُ عَلَيْهِ بِالإِْرْضَاعِ، لاَ فِي مُقَابَلَةِ الاِسْتِمْتَاعِ، وَلاَ يَزُول بِزَوَالِهِ (١) .
عَوْدَةُ النَّفَقَةِ بِتَرْكِ النُّشُوزِ:
٨ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ الْقَائِلُونَ بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ بِالنُّشُوزِ إِلَى أَنَّ النَّاشِزَ إِذَا رَجَعَتْ عَنْ نُشُوزِهَا وَعَادَتْ إِلَى زَوْجِهَا، عَادَتْ نَفَقَتُهَا لِزَوَال الْمُسْقِطِ لَهَا. وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: النَّاشِزُ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا حَتَّى تَعُودَ إِلَى بَيْتِ الزَّوْجِ وَلَوْ بَعْدَ سَفَرِ الزَّوْجِ، فَلَوْ عَادَتْ إِلَى بَيْتِهِ بَعْدَمَا سَافَرَ خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا نَاشِزَةً، فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ، فَتَكْتُبُ إِلَيْهِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي لِيَفْرِضَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةً، أَمَّا لَوْ أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا بِدُونِ ذَلِكَ فَلاَ رُجُوعَ لَهَا،
(١) المغني ٧ / ٦١١ - ٦١٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute