حُكْمَ الشَّرْعِ فِيهَا إِنْ لَمْ تَخْرُجْ (١) . وَهَذَا إِنْ خَشِيَتْ أَنْ تَقَعَ فِي مَحْظُورٍ.
ي - اسْتِئْذَانُ الأَْبَوَيْنِ فِيمَا يَكْرَهَانِهِ:
٢٩ - إِذَا أَرَادَ الإِْنْسَانُ أَنْ يَأْتِيَ عَمَلاً لَهُ مِنْهُ بُدٌّ، وَيَكْرَهُهُ وَالِدَاهُ، فَلاَ يَحِل لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ إِلاَّ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِمَا فِيهِ، بِرًّا بِهِمَا، وَمُرَاعَاةً لِحَقِّهِمَا، إِلاَّ إِنْ كَانَ أَبَوَاهُ كَافِرَيْنِ، وَيَكْرَهَانِ هَذَا الْعَمَل؛ لِمَا فِيهِ مِنْ نُصْرَةِ الإِْسْلاَمِ وَالْمُسْلِمِينَ، كَالْجِهَادِ وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لاَ عِبْرَةَ بِإِذْنِهِمَا أَوْ عَدَمِهِ.
وَخَالَفَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَال: لاَ يَغْزُو إِلاَّ بِإِذْنِهِمَا وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ، لِعُمُومِ الأَْخْبَارِ الَّتِي سَيَأْتِي ذِكْرُهَا. وَبِنَاءً عَلَى هَذَا، فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْوَلَدُ أَنْ يَخْرُجَ، لِمَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْهَلاَكُ مِنْهُ، كَخُرُوجِهِ إِلَى غَزْوٍ غَيْرِ مَفْرُوضٍ عَلَيْهِ عَيْنًا، أَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِمَا لاَ يُخْشَى عَلَيْهِ الْهَلاَكُ مِنْهُ، وَلَكِنْ يُخْشَى عَلَيْهِمَا الضَّيْعَةُ، كَمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى الْحَجِّ وَأَبَوَاهُ مُعْسِرَانِ وَنَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الْمَال مَا يَفِي بِنَفَقَةِ الْحَجِّ - مِنَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ - وَنَفَقَتِهِمَا، وَكَمَا إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِطَلَبِ الْعِلْمِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى، أَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَخَافَ عَلَى وَالِدَيْهِ الضَّيْعَةَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلاَّ بِإِذْنِهِمَا.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ فَقَال: جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى
(١) فتح القدير ٢ / ٥٢٠ طبع بولاق، وشرح السير الكبير ١ / ٢٠١، والفتاوى الهندية ٥ / ٣٦٥، وابن عابدين ٢ / ١٤٠، والمغني ٨ / ٣٥٨، والزرقاني ٣ / ١١١، وحاشية الجمل ٥ / ١٩٠ - ١٩١، وحاشية قليوبي٢ / ١٤٦
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute