الشَّخْصِ مَحَلٌّ مُقَدَّرٌ لاِسْتِقْرَارِ تِلْكَ الْحُقُوقِ فِيهِ بِحَيْثُ تَشْغَلُهُ تِلْكَ الْحُقُوقُ حَال ثُبُوتِهَا وَيَفْرُغُ مِنْهَا حَال سُقُوطِهَا.
وَهَذَانِ الأَْمْرَانِ اللَّذَانِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِمَا تَصَوُّرُ الاِلْتِزَامِ هُمَا مُتَلاَزِمَانِ فِي الْوُجُودِ مُتَغَايِرَانِ فِي الْمَفْهُومِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّخْصِ أَهْلاً لِتَحَمُّل الْحُقُوقِ أَنْ يَكُونَ فِي شَخْصِهِ مُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ لَهَا وَبِالْعَكْسِ، فَمَتَى اعْتُبِرَتْ لِلشَّخْصِ أَهْلِيَّةُ التَّحَمُّل شَرْعًا اعْتُبِرَتْ لَهُ ذِمَّةٌ، وَلَكِنْ لَيْسَتْ تِلْكَ الأَْهْلِيَّةُ هِيَ الذِّمَّةَ نَفْسَهَا، بَل بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ مَا بَيْنَ مَعْنَى الْقَابِلِيَّةِ وَمَعْنَى الْمَحَل.
ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ فِي الْعَلاَقَةِ بَيْنَ الذِّمَّةِ وَأَهْلِيَّةِ الْمُعَامَلَةِ أَنَّ النِّسْبَةَ بَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ، فَهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْحُرِّ الْبَالِغِ الْكَامِل الأَْهْلِيَّةِ فَيُقَال: هُوَ ذُو ذِمَّةٍ وَذُو أَهْلِيَّةٍ، وَتَنْفَرِدُ الذِّمَّةُ فِي الْعَبْدِ فَهُوَ ذُو ذِمَّةٍ وَلاَ أَهْلِيَّةَ لَهُ، وَتَنْفَرِدُ الأَْهْلِيَّةُ فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فَيُقَال هُوَ ذُو أَهْلِيَّةٍ وَلاَ ذِمَّةَ مُسْتَقِلَّةً لَهُ. (١)
ج - الْعَهْدُ:
٤ - الْعَهْدُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الاِلْتِزَامِ وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ الْوَصِيَّةُ، يُقَال عَهِدَ إِلَيْهِ يَعْهَدُ إِذَا أَوْصَاهُ، وَالْعَهْدُ: الأَْمَانُ وَالْمَوْثِقُ وَالذِّمَّةُ، وَالْعَهْدُ كُل
(١) الفروق للقرافي (٣ / ٢٢٦ - ٢٢٩) فرق ١٨٣ ط. المعرفة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute