الْوِلاَيَةُ الْمُتَعَدِّيَةُ أَعَمُّ مِنَ الْوِصَايَةِ؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُمَلِّكُ صَاحِبَهُ التَّصَرُّفَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ غَيْرِهِ، إِلاَّ أَنَّ الْوِلاَيَةَ قَدْ يَكُونُ مَصْدَرُهَا الشَّرْعَ، كَوِلاَيَةِ الأَْبِ عَلَى ابْنِهِ، (١) وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرُهَا الْعَقْدَ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالإِْيصَاءِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِتَوْلِيَةِ صَاحِبِ الشَّأْنِ فِي التَّصَرُّفِ، فَهُوَ الَّذِي يَعْهَدُ إِلَى غَيْرِهِ بِالنِّيَابَةِ عَنْهُ فِي بَعْضِ الأُْمُورِ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
ج - الْوَكَالَةُ:
٤ - الْوَكَالَةُ: إِقَامَةُ الشَّخْصِ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي تَصَرُّفِ مَمْلُوكٍ قَابِلٍ لِلنِّيَابَةِ؛ لِيَفْعَلَهُ فِي حَال حَيَاتِهِ.
فَهِيَ تُشْبِهُ الإِْيصَاءَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ تَفْوِيضٌ لِلْغَيْرِ فِي الْقِيَامِ بِبَعْضِ الأُْمُورِ نِيَابَةً عَمَّنْ فَوَّضَهُ، إِلاَّ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا مِنْ نَاحِيَةِ أَنَّ التَّفْوِيضَ لِلْغَيْرِ فِي الإِْيصَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَمَّا فِي الْوَكَالَةِ فَإِنَّ التَّفْوِيضَ يَكُونُ فِي حَال الْحَيَاةِ.
هَذَا وَسَوْفَ يَقْتَصِرُ الْكَلاَمُ فِي هَذَا الْبَحْثِ عَلَى الإِْيصَاءِ بِمَعْنَى إِقَامَةِ الْوَصِيِّ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ فَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (وَصِيَّةٌ) .
مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ عَقْدُ الإِْيصَاءِ:
٥ - يَتَحَقَّقُ عَقْدُ الإِْيصَاءِ بِإِيجَابٍ مِنَ الْمُوصِي، وَقَبُولٍ مِنَ الْمُوصَى إِلَيْهِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي الإِْيجَابِ أَنْ يَكُونَ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ، بَل يَصِحُّ بِكُل لَفْظٍ يَدُل عَلَى تَفْوِيضِ الأَْمْرِ إِلَى الْمُوصَى إِلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، مِثْل: جَعَلْتُ فُلاَنًا وَصِيًّا، أَوْ عَهِدْتُ إِلَيْهِ بِمَال أَوْلاَدِي بَعْدَ وَفَاتِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
(١) رد المحتار ٦ / ٦٤٧، والشرح الكبير ٤ / ٣٧٥، والإقناع ٤ / ٢٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute