مُقَاصَّةُ دَيْنِ الزَّوْجِ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَمَهْرِهَا
١٦ - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ دَيْنٌ لاَ يَقَعُ قِصَاصًا بِدَيْنِ النَّفَقَةِ لِلزَّوْجَةِ إِلاَّ بِالتَّرَاضِي، بِخِلاَفِ سَائِرِ الدُّيُونِ، لأَِنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ أَدْنَى، وَلَكِنْ لَوْ قَال الزَّوْجُ احْسِبُوا لَهَا نَفَقَتَهَا مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لأَِنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْبَابِ أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ لَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ، فَإِذَا الْتَقَى الدَّيْنَانِ تَسَاوَيَا قِصَاصًا أَلاَ تُرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُقَاصَّ بِمَهْرِهَا، فَالنَّفَقَةُ أَوْلَى (١) .
وَأَمَّا مُقَاصَّةُ الْمَهْرَيْنِ فَجَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ جَاءَتِ الْكُفَّارَ امْرَأَةٌ مِنَّا مُرْتَدَّةً، وَهَاجَرَتْ إِلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنْهُمْ مُسْلِمَةً، وَطَلَبَهَا زَوْجُهَا، فَلاَ نَغْرَمُ لَهُ الْمَهْرَ، بَل نَقُول هَذِهِ بِهَذِهِ، وَنَجْعَل الْمَهْرَيْنِ قِصَاصًا، وَيَدْفَعُ الإِْمَامُ الْمَهْرَ إِلَى زَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ، وَيَكْتُبُ إِلَى زَعِيمِهِمْ لِيَدْفَعَ مَهْرَهَا إِلَى زَوْجِ الْمُهَاجِرَةِ، هَذَا إِنْ تَسَاوَى الْقَدْرَانِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ مَهْرُ الْمُهَاجِرَةِ أَكْثَرَ، صَرَفْنَا مِقْدَارَ مَهْرِ الْمُرْتَدَّةِ مِنْهُ إِلَى زَوْجِهَا، وَالْبَاقِي إِلَى الْمُهَاجِرَةِ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمُرْتَدَّةِ أَكْثَرَ، صَرَفْنَا مِقْدَارَ مَهْرِ الْمُهَاجِرَةِ إِلَى زَوْجِهَا،
(١) المبسوط للسرخسي ٥ / ١٩٤، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٢٤٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute