أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ فِي يَدِ الأَْعْدَاءِ
:
اسْتِئْسَارُ الْمُسْلِمِ وَمَا يَنْبَغِي لاِسْتِنْقَاذِهِ عِنْدَ تَتَرُّسِ الْكُفَّارِ بِهِ:
أ - الاِسْتِئْسَارُ:
٥٤ - الاِسْتِئْسَارُ هُوَ تَسْلِيمُ الْجُنْدِيِّ نَفْسَهُ لِلأَْسْرِ، فَقَدْ يَجِدُ الْجُنْدِيُّ نَفْسَهُ مُضْطَرًّا لِذَلِكَ. وَقَدْ وَقَعَ الاِسْتِئْسَارُ مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِمَ بِهِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسَنَدِهِ قَال: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً رَهْطًا عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَْنْصَارِيَّ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ - مَوْضِعٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ - ذُكِرُوا لِبَنِي لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتِي رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ - مَوْضِعٍ غَلِيظٍ مُرْتَفِعٍ - وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا وَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَلاَّ نَقْتُل مِنْكُمْ أَحَدًا، قَال عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَوَاَللَّهِ لاَ أَنْزِل الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ خَبِّرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْل فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَل إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَْنْصَارِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثْنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ، فَقَال الرَّجُل الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّل الْغَدْرِ، وَاَللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِي فِي هَؤُلاَءِ لأَُسْوَةً - يُرِيدُ الْقَتْلَى - فَجَرُّوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ - أَيْ مَارَسُوهُ وَخَادَعُوهُ لِيَتْبَعَهُمْ - فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ الدَّثْنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ. . . (١) فَعَلِمَ
(١) نيل الأوطار للشوكاني ٧ / ٢٦٨، ٢٦٩ ط مصطفى الحلبي سنة ١٣٨٠ هـ، والحديث: أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (٦ / ١٦٥ - ١٦٦ ط السلفية) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute