للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ، لأَِنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ لِلشَّفِيعِ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَمْنَعُ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ، فَإِنْ أَجَازَ الشَّفِيعُ الْبَيْعَ جَازَ وَلاَ شُفْعَةَ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ ابْتِدَاءً. وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ لأَِنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ لَمْ يَزُل، وَالْحِيلَةُ لِلشَّفِيعِ فِي ذَلِكَ أَلاَّ يَفْسَخَ وَلاَ يُجِيزَ حَتَّى يُجِيزَ الْبَائِعُ أَوْ يُجَوِّزَ الْبَيْعَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ (١) .

الشُّفْعَةُ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ:

أ - الْبَيْعُ بِالْمَزَادِ الْعَلَنِيِّ:

٢٢ - إِذَا بِيعَ الْعَقَارُ بِالْمَزَادِ الْعَلَنِيِّ فَمُقْتَضَى صِيَغِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ لاَ يَمْنَعُونَ الشُّفْعَةَ فِيهِ لأَِنَّهُمْ ذَكَرُوا شُرُوطًا لِلشُّفْعَةِ إِذَا تَحَقَّقَتْ ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا الْبَيْعَ بِالْمُزَايَدَةِ.

ب - مَا بِيعَ لِيُجْعَل مَسْجِدًا:

٢٣ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ قَوْل أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اتَّخَذَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ مَسْجِدًا ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْمَسْجِدَ وَيَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ يَتَحَرَّرُ عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ إِعْتَاقِ الْعَبْدِ. وَحَقُّ الشَّفِيعِ لاَ يَكُونُ


(١) البدائع ٦ / ٢٧٠١ وما بعدها.