كَمَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقَبُول أَوِ الرَّدِّ فَوْرًا بَعْدَ الْمَوْتِ بَل هُمَا عَلَى التَّرَاخِي، فَيَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ الْوَفَاةِ، وَلَوْ إِلَى مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، لأَِنَّ الْفَوْرَ عُرْفًا إِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْعُقُودِ الْمُنْجَزَةِ الَّتِي يَرْتَبِطُ الْقَبُول فِيهَا بِالإِْيجَابِ كَالْبَيْعِ، وَلَيْسَتِ الْوَصِيَّةُ مِنْهَا.
وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْبَل الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلاَ رَدَّ الْوَصِيَّةَ فَلِلْوَارِثِ مُطَالَبَةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقَبُول أَوِ الرَّدِّ فَإِنِ امْتَنَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَبَطَل حَقُّهُ مِنَ الْوَصِيَّةِ لأَِنَّهَا إِنَّمَا تَنْتَقِل إِلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْقَبُول وَلَمْ يُوجَدْ. (١)
الرُّجُوعُ عَنِ الْقَبُول:
١١ - لِلْفُقَهَاءِ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنِ الْقَبُول ثَلاَثَةُ آرَاءٍ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل: صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَوْ قَبِل الْوَصِيَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ رَدُّ الْقَبُول قَبْل الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ لَزِمَتْ وَصَحَّتْ.
(١) مُغْنِي الْمُحْتَاج ٣ / ٥٣، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٤ / ٣٤٤ـ٣٤٥، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة ٥ / ٩٠، وَتَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير ١٠ / ٤٢٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute