الشَّيْءِ مَعَ الاِعْتِمَادِ عَلَيْهِ. وَمِمَّا لَهُ صِلَةٌ بِالاِسْتِنَادِ: الاِتِّكَاءُ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنَّ الاِسْتِنَادَ عَلَى الشَّيْءِ الاِتِّكَاءُ عَلَيْهِ بِالظَّهْرِ خَاصَّةً، قَال: الاِتِّكَاءُ أَعَمُّ مِنْ الاِسْتِنَادِ، وَهُوَ - يَعْنِي الاِتِّكَاءَ - الاِعْتِمَادُ عَلَى الشَّيْءِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَبِأَيِّ جَانِبٍ كَانَ.
وَالاِسْتِنَادُ: اتِّكَاءٌ بِالظَّهْرِ لاَ غَيْرُ. (١) وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ.
أَوَّلاً: أَحْكَامُ الاِسْتِنَادِ فِي الصَّلاَةِ:
أ - الاِسْتِنَادُ فِي الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ:
٣ - الاِسْتِنَادُ إلَى عِمَادٍ - كَحَائِطٍ أَوْ سَارِيَةٍ - فِي صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ مُسْتَقِلًّا دُونَ اعْتِمَادٍ. لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ اتِّجَاهَاتٌ ثَلاَثَةٌ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: يَرَى الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ مَنْعَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ. قَالُوا: مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ لَوْ زَال الْعِمَادُ، لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ، قَالُوا: لأَِنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَرْكَانِهَا الْقِيَامُ، وَمَنِ اسْتَنَدَ عَلَى الشَّيْءِ بِحَيْثُ لَوْ زَال مِنْ تَحْتِهِ سَقَطَ، لاَ يُعْتَبَرُ قَائِمًا.
أَمَّا إنْ كَانَ لاَ يَسْقُطُ لَوْ زَال مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ، فَهُوَ عِنْدَهُمْ مَكْرُوهٌ، صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ. قَال الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: يُكْرَهُ اتِّفَاقًا - أَيْ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ - لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الأَْدَبِ وَإِظْهَارِ التَّجَبُّرِ. وَعَلَّل ابْنُ أَبِي تَغْلِبَ - مِنَ الْحَنَابِلَةِ - لِلْكَرَاهَةِ بِكَوْنِ الاِسْتِنَادِ يُزِيل مَشَقَّةَ الْقِيَامِ.
وَالاِتِّجَاهُ الثَّانِي: قَوْل الشَّافِعِيَّةِ الْمُقَدَّمُ لَدَيْهِمْ أَنَّ صَلاَةَ الْمُسْتَنِدِ تَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، قَالُوا: لأَِنَّهُ يُسَمَّى قَائِمًا وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيل مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ لَسَقَطَ.
(١) الكليات ١ / ٣٨ ط دمشق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute