أ - الدَّيْنُ الْمُتَعَلِّقُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ:
٢٨ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَهُمْ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ) إِلَى أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنَ الدُّيُونِ بِمَا تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ، كَالدَّيْنِ الْمُوثَقِ بِرَهْنٍ، وَمِنْ ثَمَّ يَجِبُ تَقْدِيمُ هَذِهِ الدُّيُونِ عَلَى تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ، لأَِنَّ الْمُوَرِّثَ فِي حَال حَيَاتِهِ لاَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الأَْعْيَانِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ، فَأَوْلَى أَلاَّ يَكُونَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
فَإِنْ فَضَل شَيْءٌ مِنَ التَّرِكَةِ بَعْدَ سَدَادِ هَذَا الدَّيْنِ جَهَّزَ مِنْهُ الْمَيِّتَ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُل شَيْءٌ بَعْدَ سَدَادِ الدَّيْنِ، كَانَ تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ عَلَى مَنْ كَانَتْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِي حَيَاتِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ فِي غَيْرِ الْمَشْهُورِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ بُدِئَ بِتَكْفِينِهِ وَتَجْهِيزِهِ مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا تُقَدَّمُ نَفَقَةُ الْمُفْلِسِ عَلَى دُيُونِ غُرَمَائِهِ، ثُمَّ بَعْدَ التَّجْهِيزِ وَالتَّكْفِينِ تُقْضَى دُيُونُهُ مِمَّا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ. (١)
ب - الدُّيُونُ الْمُطْلَقَةُ:
٢٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الدُّيُونَ الْمُطْلَقَةَ، وَهِيَ الَّتِي لاَ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ تُؤَخَّرُ عَنْ تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ، فَإِنْ فَضَل شَيْءٌ بَعْدَ
(١) ابن عابدين ٥ / ٤٦٣، ٤٨٣، وشرح السراجية ص ٤، والدسوقي ٤ / ٤٥٧، ونهاية المحتاج ٦ / ٧، والعذب الفائض ١ / ١٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute