وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلشَّاهِدِ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا تَحَمُّلاً وَأَدَاءً عِنْدَ طَلَبِ الشَّهَادَةِ مِنْهُ، لِتَكُونَ الشَّهَادَةُ وَاقِعَةً عَلَى عَيْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا، قَال أَحْمَدُ: لاَ يَشْهَدُ عَلَى امْرَأَةٍ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا، وَأَجَازَ بَعْضُهُمُ النَّظَرَ إِلَى الْكَفَّيْنِ لِلشَّهَادَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّ الشَّاهِدَ يَنْظُرُ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، وَاخْتَارَ فِي مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى أَنَّ الشَّاهِدَ لَيْسَ لَهُ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ الْوَجْهِ، لأَِنَّ الشَّهَادَةَ لاَ دَخْل لَهَا فِي الْكَفَّيْنِ، وَنُقِل ذَلِكَ عَنِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ (١) .
رَابِعًا: النَّظَرُ لِلْمُعَامَلَةِ:
٣٤ - لاَ خِلاَفَ بَيْنِ الْفُقَهَاءِ فِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ لِلْمُعَامَلَةِ إِذَا قُصِدَ بِهِ التَّلَذُّذُ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وُقُوعُ الشَّهْوَةِ مَعَهُ، فَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ اللَّذَّةُ وَلاَ خِيفَتْ مِنْهُ الْفِتْنَةُ أَوِ الشَّهْوَةُ، فَيَجُوزُ إِلَى مَا سِوَى الْعَوْرَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا هُوَ مَذْهَبُهُمْ فِي الْحُكْمِ الأَْصْلِيِّ لِلنَّظَرِ، وَهُوَ جَوَازُهُ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا سِوَى الْعَوْرَةِ، وَمِنْ جُمْلَةِ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُل إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الْحَاجَةُ إِلَى التَّعَامُل بَيْنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، وَهَذِهِ الْحَاجَةُ لاَ تَسْتَلْزِمُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى غَيْرِ مَا سِوَى الْعَوْرَةِ.
(١) مَطَالِب أُولِي النُّهَى ٥ / ١٤، ١٥، وَالإِْنْصَاف ٨ / ٢٢، وَالْمُبْدِع ٧ / ٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute