وَالرُّويَانِيُّ: إِنَّمَا هِيَ زَعَامَةٌ وَرِيَاسَةٌ، لاَ تَقْلِيدُ حُكْمٍ وَقَضَاءٍ، وَلاَ يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ بِإِلْزَامِهِ بَل بِالْتِزَامِهِمْ وَلاَ يُلْزَمُونَ بِالتَّحَاكُمِ عِنْدَهُ (١) .
وِلاَيَةُ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ:
٢٣ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الَّذِي يَمْلِكُ وِلاَيَةَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ هُوَ الإِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ؛ لأَِنَّ وِلاَيَةَ الْقَضَاءِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ فَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ مِنْ جِهَتِهِ كَعَقْدِ الذِّمَّةِ؛ وَلأَِنَّ الإِْمَامَ صَاحِبُ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ، فَلاَ يُفْتَاتُ عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يُفَوِّضَ إِلَى شَخْصٍ تَوْلِيَةَ الْقُضَاةِ، وَلَيْسَ لِمَنْ فَوَّضَهُ الإِْمَامُ فِي ذَلِكَ اخْتِيَارُ نَفْسِهِ وَلاَ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ، وَقِيل: يَجُوزُ إِذَا كَانَا صَالِحَيْنِ لِلْوِلاَيَةِ لأَِنَّهُمَا يَدْخُلاَنِ فِي عُمُومِ الإِْذْنِ مَعَ أَهْلِيَّتِهَا.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ وَلاَ مَنْ يَجُوزُ التَّقَلُّدُ مِنْهُ، أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُول إِلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى أَهْل الْبَلَدِ أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجْعَلُونَهُ وَالِيًا فَيُوَلِّي قَاضِيًا، أَوْ يَكُونُ هُوَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنَهُمْ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا تَعَذَّرَ وُجُودُ الإِْمَامِ أَوِ الاِتِّصَال بِهِ، يَتِمُّ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ
(١) ابن عابدين ٥ / ٣٥٥، ٤٢٨، أدب القاضي للماوردي ١ / ٦٦١ - ٦٦٣، الشرح الصغير ٤ / ١٨٧، وشرح منتهى الإرادات ٣ / ٤٦٤، ومغني المحتاج ٤ / ٣٧٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute