وَالتَّابِعِينَ، وَكَانَ لاَ يَقُول أَحَدٌ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ أَحَدٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ، فَثَبَتَ أَنَّ نَفْسَ الإِْسْلاَمِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ لَيْسَ سَبَبًا لِثُبُوتِ الْوَلاَءِ لَهُ، بَل السَّبَبُ هُوَ الْعَقْدُ، فَمَا لَمْ يُوجَدْ لاَ يَثْبُتُ الإِْرْثُ وَالْعَقْل (١) .
شَرَائِطُ عَقْدِ الْمُوَالاَةِ:
١٩ - شَرَائِطُ عَقْدِ الْمُوَالاَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ تِسْعَةٌ:
(أَحَدُهَا) عَقْل الْعَاقِدِ: إِذْ لاَ صِحَّةَ لِلإِْيجَابِ وَالْقَبُول بِدُونِ الْعَقْل. أَمَّا الْبُلُوغُ، فَهُوَ شَرْطُ الاِنْعِقَادِ فِي جَانِبِ الإِْيجَابِ، فَلاَ يَنْعَقِدُ الإِْيجَابُ مِنَ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ عَاقِلاً، حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الصَّبِيُّ الْعَاقِل عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالاَهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَذِنَ أَبُوهُ الْكَافِرُ بِذَلِكَ، لأَِنَّ هَذَا عَقْدٌ، وَعَقْدُ الصَّبِيِّ الْعَاقِل إِنَّمَا يَقِفُ عَلَى إِذْنِ وَلِيِّهِ، وَلاَ وِلاَيَةَ لِلأَْبِ الْكَافِرِ عَلَى وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ، فَكَانَ إِذْنُهُ وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِهَذَا لاَ تَجُوزُ سَائِرُ عُقُودِهِ بِإِذْنِهِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، كَذَا عَقْدُ الْمُوَالاَةِ.
وَأَمَّا فِي جَانِبِ الْقَبُولِ، فَهُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ، حَتَّى لَوْ وَالَى بَالِغٌ صَبِيًّا، فَقَبِل الصَّبِيُّ، يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ. فَإِنْ أَجَازَهُ نَفَذَ، لأَِنَّ هَذَا نَوْعُ عَقْدٍ، فَكَانَ قَبُول الصَّبِيِّ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِهِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، ً فَيَجُوزُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَوَصِيِّهِ
(١) البدائع ٤ ١٧٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute